حققت المملكة في السنوات الأخيرة مكاسب على مستوى التخطيط، التنفيذ المتقن، رفع دخل المواطن، وإطلاق مشاريع تنموية شاملة لكل المناطق استندت على مواجهة العجز المادي نتيجة الحروب والأزمات التي شهدتها المنطقة في الأعوام الماضية، ورغمها أتت النتائج مثمرة لناحية الارتقاء بمستوى التعليم، الصحة، والشأن الاجتماعي. وفي تأكيده ضمن هذا المنحى، أوضح صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية في مناسبة جمعته وأعيان مكةالمكرمة البارحة الأولى في منزل عبد الحمن فقيه بالقول «لا أعتقد أن أيا من وزارات الدولة تعمل دون خطة مدروسة، بل إن لدى الوزارات خططا خمسية تحدد حسب أهداف واضحة وعلى ضوئها تنفذ الأهداف». وحول السبب في تعثر المشاريع، فند الأمر بالإفصاح «أن المملكة تشهد تقدما ملموسا لا يستطيع أحد تجاهله، وإذا كان هناك تعثر في بعض المشاريع، فإنه يعزى لنقص الدعم المادي الناتج عما شهدته المنطقة من حروب وأزمات في سنوات مضت أثرت بدورها على ما وضع من خطط، ما دفع المملكة إلى استحداث خطط لمواجهة العجز الكبير في الموارد قبل نحو ستة أعوام، واستطاعت من رفع الدخل والذي انعكس على ما تم إطلاقه من مشاريع». وبين الأمير منصور بن متعب أن المشاريع في وزارته تنضوي على أهداف رئيسة، تشمل الخدمات البلدية، وإدارة الأراضي والممتلكات، لافتا إلى أن واقع نشاط الوزارة يكمن في بعدين هما: التخطيط والمتابعة، إذ يؤطر التخطيط بمشاركة الأمانات، فيما تجري المتابعة من خلال واقع تنظيم ما أنجز من خدمات بالتنسيق مع بيوت الخبرة التي ترصد لتأتي النتائج مزيج بين الإيجابيات والسلبيات، بيد أن الأمير عاد ليقول «لا شك أن بعض الأنشطة لم تكن بالمستوى المأمول، لذا يتم تشخيصها لمعرفة مكامن الخلل، والوزارة الآن وبالتعاون مع الإدارة العليا للأمانة، تحدد، تقوم، وتشخص المسببات من خلال تدني المستوى، إذ أن بعض النشاطات لم تحقق المأمول، وهذا لا يقتصر فقط على أمانة مكةالمكرمة، بل ينطبق على 16 أمانة من أمانات الوزارة في المملكة، حيث لم نجد حتى الآن أمانة متميزة على الأخرى، لكن هناك تباين في مستوى نتائج الأنشطة التي تفاوتت بين المتميزة والمتوسطة والأقل من المأمول، حتى أن بعض الأمانات لم تزل أقل من مستوى تطلعات المواطن». وعن الإصحاح البيئي المعمول به من قبل أمانات المدن، أكد وزير الشؤون البلدية والقروية «هناك أشياء أخرى بالنسبة للأمانة كالإصحاح البيئي إذا لم تشخص بطريقة صحيحة لن يتم معالجتها بالطريقة الأمثل، والإصحاح البيئي في مكةالمكرمة دون المستوى المطلوب ولا يرضى طموحنا، وهناك تعاون كبير بين مختلف الجهات لمعالجة ذلك قبل وبعد وأثناء موسم الحج كونه لم يصل بعد إلى المستوى المرضي». وأبان الأمير منصور بن متعب أن هناك قصورا من قبل الأمانات فيما يتعلق بصيانة الطرق «هناك قصور في كل الأمانات فيما يخص صيانة الطرق الداخلية والآن المدن تتوسع ولدينا ميزانية تقديرية وميزانية رصدت لصيانة الطرق التي تستقطع نحو 51 في المائة من ميزانية الوزارة، ومع ذلك يوجد عجز كبير بين الميزانية التقديرية والميزانية الفعلية لصيانة الطرق الداخلية على مستوى كل مدن المملكة، والفجوة كبيرة فنحن لا نتكلم عن ميزانية 20 في المائة بل أكثر، لأن المدن تزيد رقعتها بشكل مضطرد، ولوحظ قبل سبعة أعوام أن هنالك عجزا، ولم نكن ننفق على ذلك لعدم وجود بنود تتيح لنا الصرف على بعض المشاريع، وفي الخمس سنوات الماضية بدأت تنفذ مشاريع لكن المطلوب كبير جدا». وتطرق الأمير منصور بن متعب الحديث عن نظام انتخابات المجالس البلدية الجديد مقرا «النظام الجديد للمجالس البلدية تم رفعه للجهات العليا، وهو حاليا قيد الدراسة وفي حال إقراره سيعطي صلاحيات أكبر وفقا لمعايير محددة، وسيصحح النظام الجديد المعايير غير الواضحة، وسيمنح أعضاء المجلس البلدي هامشا أكبر». وزاد وزير الشؤون البلدية والقروية «حين نريد تقييم عمل المجالس البلدية، يجب أن نقف على ماهية الصلاحيات التي أعطيت للمجالس البلدية، وماهية الإمكانيات التي توافرت لها على أساس أن يكون التقييم موضوعيا، والجميع يعلم أن نظام البلديات أقر قبل نحو 35 عاما وهذا النظام حدد صلاحيات يمكن للمجالس البلدية أن تعمل في هذا الإطار، حيث إن لدينا أكثر من 170 مجلسا بلديا في مختلف مناطق ومحافظات المملكة، وأعتقد أن بعض المجالس البلدية كان دورها متميزا وساهمت في العمل البلدي في مناطقها، وبعض المجالس كان أداؤها متوسطا والبعض الآخر متدنيا. وظهر ذلك من خلال ما صدر عنها من قرارات وحسب تفعيل دورها ونقل رؤية المواطن الذي تمثل صوته وأنشئت من أجله، وعملية استشفاف رأي المواطن وتوجيه الخدمات لما يصب في مصلحة المواطن وتقييم نوعية الخدمات ومدى رضا المواطن عما يقدم من خدمات». وحول التوجه لربط قطار المشاعر بقطار الحرمين والإفادة منه وتشغيله طوال العام، قال الأمير منصور بن متعب «لدينا تصور تم مناقشته مع صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة، ومع أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة البار لربط قطار المشاعر مع قطار الحرمين، ولكن هذا الأمر ليس من صلاحيات الوزارة، حيث إن الخطط المستقبلية للقطار من صلاحيات لجنة الحج العليا لما تقرره للاستفادة من القطار أو الخدمات الأخرى التي يحتاجها القطار». وخلال حديث وزير الشؤون البلدية والقروية في لقائه بأعيان مكةالمكرمة تلقى مطالبات متكررة بالسماح بارتفاعات في المباني في أحياء العاصمة المقدسة نظرا لما تعانيه من أزمة سكن خانقة، ليرد قائلا «إن آخر تقرير أطلعت عليه كان هناك تباين في وجهات النظر بين المجلس البلدي وأمانة العاصمة المقدسة نتيجة عدم اتفاقهما للخروج برؤية في السماح من عدمه بارتفاعات المباني، لكننا في المخطط الإرشادي لمكة سنوجد حلا توفيقيا يرضى الجميع، وأشهد بالله أن المجلس البلدي لديكم وقف وقفة قوية فيما يخص الارتفاعات، ونحن كنا في السابق ننظر بشيء من المثالية في تطابق المصالح». وتناول الأمير منصور بن متعب إسناد تطوير المناطق العشوائية للقطاع الخاص بالحديث: «اللجنة التنفيذية للعشوائيات التي يرأسها الأمير خالد الفيصل هي الجهة المعنية بمتابعة العشوائيات وتطويرها بالشراكة مع القطاع الخاص وشركة (جدة) وشركة (البلد الأمين)، ونحن تلقينا شكاوى من عدد من المواطنين وأحيلت للجهات المعنية، والمتظلم يجب أن يرفع لأمير المنطقة وسيتم النظر في هذه التظلمات وستأخذ العدالة مجراها». وبشأن إعداد المخططات الجديدة ذكر الأمير «التنسيق قائم بين الجهات المعنية بوضع المخططات الجديدة ويجب أن يتم ذلك عن طريق مجلس المنطقة ويدرج ضمن الخطط الخمسية، وأن يكون في المستوى الأمثل كونه وثيقة العمل الأساسية للحكومة، وكونه يحدد ملامح الخطة للخمس سنوات المقبلة، وتوزيع المنح يتم عن طريق لجنة تطوير ترتبط بعدة جهات، ولكن المطلوب ليس الدعم المادي فقط بل نحتاج إلى المنفذ الجيد». وعن خصوصية ما تتطلبه مكةالمكرمة من مشاريع أوضح الأمير منصور بن متعب «أن ما صدر عن النائب الثاني من حديث حول مشاريع ستشهدها مكة بتكلفة تقدر ب 25 مليارا، وقد عقدنا اجتماعا مع أمير منطقة مكةالمكرمة وأطلعنا على مشاريع ستنفذ مستقبلا وستكون مشاريع مبهرة ستأخذ وقتها في التنفيذ». وكشف وزير الشؤون البلدية والقروية عن توقيع اتفاقية مع شركة ألمانية لإعداد مخطط مروري شامل لطرق وشوارع مكةالمكرمة بتكلفة قدرها 15 مليون ريال، ومضى على إعداد ملامح المخطط والدراسة الشاملة عامان وتبقى عام واحد على إنجاز الدراسة. وحول فرض ضرائب على أصحاب الملكيات في مكةالمكرمة قال وزير البلديات «هذا الأمر ينقسم إلى شقين بالنسبة للدول أي توسع لا بد أن ينبني عليه خدمات صحية وتعليمية وأمنية، ويجب أن يكون التوسع بحد ذاته ضمن خطة مدروسة، حيث إن التكلفة في التوسع ستستمر للأبد، فالتوسع الأفقي سيكلف الدولة ويجب أن يؤخذ في الاعتبار ما ينتج عنه من وحدات التكلفة والإنفاق، إذا زاد سيقلل من فرص التنمية، والبعد الآخر يكمن في أن يكون على الأراضي زكاة كما طرح في أكثر من مرة في وسائل الإعلام ووجه بتأييد ومعارضة، وهذا الأمر له أبعاد شرعية ولا بد أن يأخذ البعد التشريعي». وعن موقف الوزارة من المشاريع المتعثرة بين وزير البلديات «أن الوزارة شكلت العام الماضي لجنة وزارية من البلديات والنقل والتخطيط والمالية لدراسة المشاريع المتعثرة، واكتشفنا أن هناك أربع لجان مهمتها دراسة المشاريع المتعثرة، وتمت الاستفادة من الدراسات السابقة، وتم دعوة الغرف التجارية لإبداء مرئياتها والدراسة لم تكن بمنأى عن المختصين عن المشاريع والدراسة انتهت ورفعت والتوصيات للمجلس الاقتصادي وأقرت ووضعت حلول على المدى الآني والطويل والمتوسط وأخذ في الاعتبار فيما يخص التعاون مع المشاريع المتعثرة وتفعيلها». وحدد وزير الشؤون البلدية والقروية ما تواجهه محافظة جدة من مشكلات، معتبرا أن المياه الجوفية تعد المشكلة الرئيسة، وكان هناك حديث لرئيس شركة المياه أكد فيه أن هذه المشكلة ستحل بشكل جذري في عام 2012م. وتوصلت دراسة للوزارة اشترك فيها المجلس البلدي إلى أن 80 في المائة من مسببات التلوث ناتجة عن مياه الصرف الصحي، و20 في المائة بسبب المصفاة. وعما يكتنف تصحيح مسببات كارثة جدة العام الماضي، قال الأمير منصور بن متعب «إن ما اتخذ من استعدادات من خلال ما تم تنفيذه من مشاريع خلال عام واحد، كفيل بتحقيق نتائج إيجابية ولن تتكرر المشكلة التي حدثت في جدة العام الماضي»، وذهب الأمير منصور بن متعب إلى القول «جدة قادرة على مواجهة الأمطار وكسر الحاجز النفسي لدى سكانها»، مشيرا في معرض حديثه إلى أن المشاريع التي تم تنفيذها والخطة الجاري تنفيذها لتطوير العشوائيات في جدة ستساهم في معالجة الوضع القائم، كما سيتم ربط غرب جدة بشرقها بطرق سريعة وإعادة تخطيط جسور الكباري سيسهم في الارتقاء بشرق جدة، والأمير خالد الفيصل مهتم ويتابع الأمر بدقة.