أكد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد أمير منطقة المدينةالمنورة، أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، يتطلع دائما إلى أن تصبح المدينة النبوية واجهة حضارية، وعنوانا واضحا لما وصلت إليه المملكة من تقدم ورقي في شتى المجالات. وشدد أمير منطقة المدينةالمنورة في حوار ل«عكاظ» أجرته معه أمس، على ضرورة قراءة ميزانية الدولة لهذا العام من جوانبها المتعددة، وعدم إغفال جانب دون آخر، من حيث الدلالات التي تشير إليها أرقام الميزانية، والمعاني التي تعكس ماهية الاقتصاد السعودي من حيث المتانة والنمو، إلى جانب فئات المجتمع المستهدفة بالإنفاق. وأضاف الأمير عبدالعزيز بن ماجد «توجهات الدولة واضحة ومؤكدة في استهداف خدمة الوطن، وتحقيق رفاهية المواطن، من خلال ما اشتملت عليه الميزانية من مراعاة خطط التنمية الشاملة، وتوزيعها بين المناطق، المحافظات، القرى، والهجر، فهي ذات جوانب عدة لا يمكن لأحد أن يغفل عنها وأن يقرأها من جانب دون آخر». وفيما يلي نص الحوار: • سمو الأمير .. من أي جانب تقرأون الأرقام التي حملتها الميزانية العامة للدولة لهذا العام؟ إذا أدركنا حجم الأرقام الواردة في الميزانية والنواحي المخصصة لها، فلن يكون من الإنصاف أن نقرأها من جانب دون جوانب عدة، ومهما كان الجانب الذي تقرأها من خلاله فلن توفيه حقه، سواء من جانب الدلالات التي تحملها هذه الأرقام، أو من جانب المقاصد والأهداف في ما خصصت له، أو من جانب المعاني التي تعكس ماهية الاقتصاد في الدولة من حيث المتانة والنمو، أو من جانب تحديد فئات المجتمع المستهدفة بالإنفاق، أو من جانب مراعاة خطط التنمية الشاملة، وتوزيعها بين المناطق والمحافظات والقرى والهجر، فهناك جوانب عدة لا يمكن لأحد أن يغفل عنها ويقرأها من جانب دون آخر. • هل تشيرون إلى أن ثمة حساب للاستراتيجيات التي تقرها الدولة، كخطة التنمية التاسعة التي جرى اعتمادها أخيرا؟ طبعا بدون شك، فمجلس الوزراء الموقر شدد في ثنايا الإعلان عن الميزانية على التوجيهات السامية بالتركيز على المشاريع التنموية، زيادة الفرص الوظيفية للمواطنين، وتوزيع الاعتمادات على جميع القطاعات بما يخدم توجهات الدولة في خدمة الوطن ورفاه المواطن. • هل نتفاءل يا سمو الأمير بأننا سوف نشهد نقلة إضافية في مستوى الخدمات هذا العام؟ الميزانية ركزت على تنمية الإنسان في ذاته وتطوير نفسه، وجاءت بمقومات صلبة تكفل باستمرار نواتجها في المستقبل وعلى الأمد البعيد، وليس بالضرورة أن تكون نواتجها آنية وحاضرة في الحال، فمثلا جانب التعليم والتدريب والتأهيل، نجد أن 26 في المائة من الإنفاق بما يساوي 150 مليار ريال للتعليم وحده، و12 مليارا لابتعاث الطالبات والطلاب، وتسعة مليارات لاستكمال إنشاء الجامعات الحديثة، فهذه المبالغ وحدها والمخصصة للتعليم تفوق ميزانيات أكثر من ست دول عربية مجتمعة، وسوف نرى بإذن الله نتائجها الإيجابية في المستقبل، وهذا لا يعني تهميش الاحتياجات الآنية على حساب الاحتياجات المستقبلية، وإذا نظرنا إلى جانب الرعاية بهذا الإنسان وشموله بالمزيد من العناية، نجد كيف ركزت الميزانية على دعم قطاعات الصحة والتنمية الاجتماعية، بتخصيص حوالى 70 مليار ريال لدعم برامجها وخططها، والكثير الكثير من الملامح التي إن وقفنا عليها، سوف يفيض الحديث بنا دون أن نوفيها حقها. • وكأنني ألمح يا سمو الأمير، تركيزا منكم على رصد الجوانب المتعلقة بالشباب؟ الدولة بتوجهاتها لم تغفل فئة في المجتمع، بدءا من الطفولة وحتى العجز والهرم، ولكن بلا شك، أن القيادة برؤيتها الثاقبة وتوجهاتها الحكيمة تؤمن مستقبل الوطن بدعم فئة الشباب والسعي في تكوين مستقبلهم المعيشي، الاجتماعي، والتنموي، ليكون منتجا لوطنه وأداة نافعة للمواطنين، وإلا لما خصص لمشاريع وبرامج التعليم العام والتعليم العالي هذا القدر الوفير من الميزانية. • وكيف يرى الأمير عبدالعزيز انعكاسات الميزانية في دعم خطط التنمية في منطقة المدينةالمنورة؟ شهدت منطقة المدينةالمنورة العديد من الإنجازات الكبيرة التي تحققت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، فهي تحظى بعناية فائقة من لدنه ومن لدن ولي عهده الأمين، انطلاقا من إدراكهم لحاجات الإنسان في المنطقة من جهة، والمكانة الدينية من جهة أخرى، ولم يكن تحقيق ذلك قصرا على منطقة المدينة وحدها، بل انطلقت خطط القيادة في التطوير والتنمية من مبدأ الشمولية، فالتطوير شمل العديد من القطاعات ومفاصل الدولة الرئيسة، في القضاء، التعليم، والشأن الاقتصادي والتجاري، وغير ذلك من المجالات الحيوية. • وهل ترون أن حجم هذه المشاريع والإنجازات المتحققة واكبت احتياجات المواطن والزائر في المدينة؟ المدينةالمنورة تشهد الآن نقلة نوعية في مجمل البنى التحتية من خلال المشاريع التي اعتمدت لها في السنوات الماضية، بدعم متواصل من خادم الحرمين الشريفين وعنايته واهتمامه الكبير بها، فهو يتطلع أن تصبح المدينة النبوية واجهة حضارية وعنوانا واضحا لما وصلت إليه المملكة من تقدم ورقي في شتى المجالات، فهناك مشاريع الصحة، المياه والكهرباء، الطرق، التعليم، إنشاء كليات جديدة في المحافظات، المشاريع التطويرية في مطارات المدينة ومحافظتي ينبع والعلا، ومشاريع مدينة المعرفة الاقتصادية، فضلا عن الموافقة السامية بتوسعة الساحتين الشرقية والغربية للمسجد النبوي الشريف، والجاري استكمال تنفيذها على قدم وساق، كل ذلك يعكس بجلاء الرعاية السامية لهذه البلدة المباركة، لتقديم أفضل الخدمات لأهالي المنطقة وزائريها من الحجاج والمعتمرين والمقيمين على حد سواء. • هل يكشف لنا سموكم عن أبرز المشاريع المقترحة في هذه الميزانية؟ المشاريع المقترحة تشمل العديد من الخدمات العدلية، البلدية، الأمنية، التعليمية، والصحية، إلى جانب قطاعات أخرى تهدف مشاريعها إلى الارتقاء بمستوى وكفاءة الخدمات بصورة عامة وشاملة، حيث خضعت تلك المقترحات إلى دراسة متكاملة من اللجان الفرعية المنبثقة عن مجلس المنطقة، وبما ينسجم مع مخرجات المخطط الإقليمي والمخطط الشامل للمدينة المنورة. • تركز توجهاتكم دائما على العمل المشترك، ابتداء من برنامج الشراكة في عمليات الحج (بنيان) وصولا إلى طرحكم فكرة الميزانية الموحدة المقترحة لمنطقة المدينة للمشاريع ذات الصفة الإقليمية، فكيف يرى سموكم فاعلية ذلك في تحقيق التنمية في المنطقة وإمكانية تطبيقه على الواقع؟ نعم، انطلقت فكرة الميزانية الموحدة لتسهم في نشر التنمية المكانية في المنطقة، بما ينسجم مع برامج التوزيع الزمني والمكاني لمشاريع عدة جهات معنية، وبالتالي فهي تمثل منهجية موضوعية لمجلس المنطقة لتحديد أولويات المشاريع وفق المهام التي حددها نظام المناطق ولائحته التنفيذية، وبالتالي يلاحظ حجم المشاريع المعتمدة على مدى الخطة الخمسية الثامنة في المحافظات والمراكز في المنطقة ما أسهم في تحسين الخدمات بشكل ملموس. • وهل اتسم تنفيذ هذه الرؤية بالجدية من خلال مجلس المنطقة؟ تنفيذ خطة موحدة لجميع الجهات على اختلاف مجالاتها لا يكون في يوم وليلة، لأن الأمر تطلب عقد العديد من ورش العمل مع جميع الجهات الخدمية في المنطقة، وبالفعل تم الوقوف على أولويات المشاريع المعتمدة والمقترحة من مجلس المنطقة ونطاقها الخدمي ومخرجات المرصد الحضري والمخطط الإقليمي، وكذلك المخطط الشامل للمدينة المنورة بحيث تنسجم مع الخطط الشاملة للمنطقة وتحقق التنمية المتوازنة المطلوبة. • وهل وجدتم أن ورش العمل وجلسات مجلس المنطقة خرجت بمنظومة جيدة من المشاريع المتوائمة مع احتياجات المواطن وخطة التنمية الشاملة؟ نحن نناقش وأعضاء مجلس المنطقة بجدية أمر تفعيل الميزانية الموحدة لكافة الإدارات والجهات، وتميزت منطقة المدينةالمنورة بإعدادها وفق أحدث معايير التخطيط لرسم تنمية متوازنة وشاملة، تجمع بين دراسة المشاريع المعتمدة في ميزانية العام الجاري والمشاريع المقترحة لميزانية العام المقبل، ذلك بالإضافة إلى متابعة هذه المشاريع من خلال لجان المجلس، للوقوف على مسببات التعثر والخلوص إلى السبل الكفيلة بمعالجتها. • وكيف تقيمون تفاعل الإدارات وأجهزة الدولة لتحقيق مقاصد وأهداف فكرة الميزانية الموحدة؟ أعتقد بأن هناك تفهما أكبر لمنهجية العمل في مجلس منطقة المدينةالمنورة، وجدوى العمل بميزانية موحدة تتكامل مع بعضها البعض، سيما وأن مجال الخدمات يتطلب التنسيق المستمر في ما بين المشاريع الجاري تنفيذها بما يحقق الأهداف التنموية المطلوبة، فنحن نشدد قبل ختام كل جلسة في مجلس المنطقة على ضرورة استيعاب ما تهدف إليه القيادة من العمل الجاد والدؤوب لخدمة المواطنين وتوفير سبل العيش الكريم لهم، وأن ما يتم اعتماده من مشاريع تنموية يعكس بلا أدنى شك مدى اهتمام ولاة الأمر برفاهية المواطن وتحقيق طموحاته وآماله وتطلعاته، وأنه أصبح لزاما على الجميع، بأن يرتقي كل مسؤول إلى مستوى تلك التحديات والتطلعات، وأن مجالس المناطق أصبح لها دور أساسي في دفع عجلة التنمية من خلال مراجعتها ومتابعتها للمشاريع وتحديد متطلبات المنطقة من مرافق وخدمات، وهذا الدور يزيد ويتم تفعيله بما يحقق المقاصد التي يرنو إلى تحقيقها ولاة الأمر.