يقدم تقرير وزارة المالية للعام 2010، الذي رافق تقديم ميزانية الدولة أمس، صورة شفافة عن احتمالات تحسن أداء الاقتصاد المحلي، خصوصا القطاع الخاص. وثمة اتفاق بأن العوائد النفطية ساهمت إلى حد كبير في النتائج التي سجلها الاقتصاد السعودي، كما أن الاستمرار في تحسن الأسعار سيضيف أبعادا جديدة لميزانية الدولة في العام 2011، خصوصا مع زيادة وتيرة الصادرات النفطية ونمو القطاع النفطي، وبما كان له أكبر الأثر في انخفاض العجز بين الحساب الجاري وحساب الخدمات والتحويلات. وفي شكل عام، فإن معدلات الأداء الجيدة للاقتصاد المحلي تنسجم مع الجهود التي تبذلها الحكومة لتحقيق أهداف استراتيجيتها الشاملة للتنمية التي تتضمن تغييرات هيكلية لمختلف النواحي الاقتصادية والتنظيمية والإدارية، إذ أنشئت أجهزة اختصاصية، وأقرت العديد من الأنظمة بهدف تهيئة المناخ الملائم لتنويع قاعدة الاقتصاد الوطني وتفعيل دور القطاع الخاص في التنمية، وإيجاد الفرص الوظيفية والاستخدام الأمثل للموارد، وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية. ففي مجال تنويع القاعدة الاقتصادية وتخفيف الاعتماد على النفط كمحرك رئيس للتنمية، تحققت إنجازات ملحوظة في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات المالية وغيرها، أما فيما يتعلق بتفعيل دور القطاع الخاص، استمرت الحكومة السعودية بإشراك القطاع الخاص في العديد من أعمال الإنشاء والتشغيل والصيانة التي يقوم بها القطاع الحكومي. كما قدمت الحكومة قروضا ميسرة للقطاع الخاص في مجالات الزراعة والصناعة والعقار وغيرها من خلال صناديق التنمية المختلفة، إضافة إلى تسهيل الإجراءات المالية والإدارية والتنظيمية لتشجيعه على إنشاء مشاريع مشتركة مع الشركات الأجنبية، هذا بالإضافة لنظام الاستثمار الأجنبي الذي أوجد حوافز متعددة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مختلف القطاعات. بيد أنه لا جدال على أن المستقبل سيحفل بالفرص والتحديات التي سترسم طبيعة الاقتصاد السعودي ومدى قدرته على تحقيق الأهداف والتطلعات الوطنية التي رسمتها لها قيادته ونحن على أبواب خطة التنمية التاسعة. وتتلخص هذه التحديات في عدد من المحاور الرئيسة: أولا: استمرار سياسة التنويع الاقتصادي وخفض الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل، ثانيا: تطوير الموارد البشرية وتوفير فرص عمل كافية للسعوديين الذين سينزلون إلى سوق العمل بأعداد متزايدة خلال الأعوام المقبلة، ثالثا: زيادة إسهام القطاع الخاص في التنمية باعتباره (حجر الزاوية) في جهود التنويع. هذه القضايا والمحاور تنطوي على هدف أساسي واحد، وهو الانتقال من التنمية الكمية إلى التنمية النوعية التي تعطي للاقتصاد مكامن قوة جديدة وركائز أكثر استقرارا في المستقبل. وقد كان للإجراءات والقرارات التي استمرت المملكة في تبنيها في مجال الإصلاحات الاقتصادية أثر فعال في تحقيق معدلات النمو الإيجابية التي يشهدها القطاع الخاص والتي أدت إلى توسيع قاعدة الاقتصاد الوطني وتنويعها، حيث بلغت مساهمته في الناتج المحلي هذا العام نحو 46 في المائة كنسبة من الناتج المحلي عدا رسوم الاستيراد بالأسعار الثابتة، وهذه المؤشرات تدل على زيادة فعالية هذا القطاع، خصوصا نشاطي الصناعات التحويلية والخدمات اللذين يشهدان نموا مستمرا وجيدا منذ عدة سنوات. وفيما يلي تقرير وزارة المالية: الإيرادات العامة: يتوقع أن تصل الإيرادات الفعلية في نهاية العام المالي الحالي إلى 735 مليار ريال بزيادة نسبتها 56 في المائة عن المقدر لها في الميزانية، منها 91 في المائة تقريبا تمثل إيرادات بترولية. المصروفات العامة: يتوقع أن تبلغ المصروفات الفعلية للعام المالي الحالي 626.5 مليار ريال بزيادة مقدارها 86.5 مليار، أي بنسبة زيادة تبلغ 16 في المائة عما صدرت به الميزانية، وبذلك يكون الفائض في الميزانية 108.5 مليار ريال. ولا تشمل المصروفات ما يخص مشاريع البرنامج الإضافي الممولة من فائض إيرادات الميزانية والتي يقدر أن يبلغ المنصرف عليها في نهاية العام المالي الحالي 18.5 مليار ريال، حيث إنها تمول من الحسابات المفتوحة لهذا الغرض بمؤسسة النقد العربي السعودي. وتشمل هذه الزيادة في المصروفات ما سيصرف من رواتب وبدلات ومكافآت للموظفين ومكافآت الطلبة ونفقات تقاعدية وما في حكمها للشهر الثالث عشر (محرم 1432ه)، وما استجد خلال العام المالي من مصروفات وتشمل دفعات تنفيذ مشاريع للحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة ونفقات عسكرية وأمنية وأخرى، والبدلات الجديدة التي تقررت لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات، والالتزامات التي ترتبت نتيجة زيادة رواتب العسكريين، ومكافآت نهاية الخدمة، وزيادة القبول في الجامعات والابتعاث الخارجي. وبلغ عدد العقود التي طرحت خلال العام المالي الحالي وتمت مراجعتها من قبل الوزارة 2460 عقدا تبلغ قيمتها الإجمالية ما يقارب 182.5 مليار ريال مقارنة بمبلغ 145.4 مليار ريال في العام المالي الماضي 1430/1431 بزيادة نسبتها 26 في المائة، وتشمل هذه المشاريع ما تم تمويله من فوائض الميزانيات الثلاث الماضية. الدين العام: سينخفض حجم الدين العام بنهاية العام المالي الحالي 1431/1432 (2010م) إلى ما يقارب 167 مليار ريال ويمثل ما نسبته 10.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 2010م مقارنة بمبلغ 225 مليار ريال بنهاية العام المالي الماضي 1430/1431 (2009م) يمثل ما نسبته (16) في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2009م. الناتج المحلي الإجمالي: من المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي هذا العام 1431/1432 (2010م) وفقا لتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات 1.6 تريليون ريال بالأسعار الجارية بنمو نسبته 16.6 في المائة مقارنة بقيمته في العام المالي الماضي 1430/1431 (2009م) نتيجة نمو القطاع البترولي بنسبة 25 في المائة. أما الناتج المحلي للقطاع غير البترولي بشقيه الحكومي والخاص فيتوقع أن يحقق نموا نسبته 9.2 في المائة، حيث يتوقع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة 15.7 في المائة والقطاع الخاص بنسبة 5.3 في المائة بالأسعار الجارية. أما بالأسعار الثابتة فيتوقع أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي نموا تبلغ نسبته 3.8 في المائة، إذ يتوقع أن يشهد القطاع البترولي نموا نسبته 2.1 في المائة، وأن يبلغ نمو الناتج المحلي للقطاع غير البترولي 4.4 في المائة، حيث يتوقع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة 5.9 في المائة والقطاع الخاص بنسبة 3.7 في المائة بحيث وصلت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 47.8 في المائة. وقد حققت جميع الأنشطة الاقتصادية المكونة للناتج المحلي للقطاع غير البترولي نموا إيجابيا، إذ يقدر أن يصل النمو الحقيقي في الصناعات التحويلية غير البترولية إلى 5 في المائة، وفي نشاط الاتصالات والنقل والتخزين 5.6 في المائة، وفي نشاط الكهرباء والغاز والماء 6 في المائة، وفي نشاط التشييد والبناء 3.7 في المائة، وفي نشاط تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق 4.4 في المائة، وفي نشاط خدمات المال والتأمين والعقارات 1.4 في المائة. المستوى العام للأسعار: أظهر الرقم القياسي لتكاليف المعيشة، وهو أهم مؤشرات المستوى العام للأسعار، ارتفاعا خلال عام 1431/1432 (2010م) نسبته 3.7 في المائة عما كان عليه في عام 1430/1431 (2009م)، وذلك وفقا لتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات. أما معامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي للقطاع غير البترولي الذي يعد من أهم المؤشرات الاقتصادية لقياس التضخم على مستوى الاقتصاد ككل فمن المتوقع أن يشهد ارتفاعا نسبته 1.5 في المائة في عام 1431/1432 (2010م) مقارنة بما كان عليه في العام الماضي. وفقا لتقديرات مؤسسة النقد العربي السعودي من المتوقع أن تبلغ القيمة الإجمالية للصادرات السلعية خلال عام 1431/1432 (2010م) 886.3 بزيادة نسبتها 23 في المائة عن العام المالي السابق. كما يتوقع أن تبلغ قيمة الصادرات السلعية غير البترولية نحو 124.2 مليار ريال بزيادة نسبتها 14 في المائة عن العام المالي السابق، وتمثل الصادرات السلعية غير البترولية ما نسبته 14 في المائة من إجمالي الصادرات السلعية. أما الواردات السلعية فيتوقع أن تبلغ في العام نفسه 326.2 مليار بزيادة نسبتها 0.7 في المائة عن العام السابق. كما تشير التقديرات الأولية لمؤسسة النقد العربي السعودي إلى أن الميزان التجاري سيحقق هذا العام فائضا مقداره 557.9 مليار ريال بزيادة نسبتها 41.4 في المائة عن العام السابق وذلك نتيجة ارتفاع الصادرات البترولية وغير البترولية والنمو المتواضع للواردات السلعية. أما الحساب الجاري لميزان المدفوعات فيتوقع أن يحقق فائضا مقداره 260.9 في العام المالي الحالي 1431/1432 (2010م) مقارنة بفائض مقداره 78.6 مليار ريال للعام المالي الماضي 1430/1431 (2009م) بزيادة نسبتها 32 في المائة. التطورات النقدية والقطاع المصرفي: سجل عرض النقود بتعريفه الشامل خلال الأشهر العشرة الأولى من العام المالي الحالي 1431/1432 (2010م) نموا نسبته 1.2 في المائة مقارنة بنمو نسبته 8 في المائة لنفس الفترة من العام المالي الماضي 1430/1431 (2009م). كما ارتفعت الودائع المصرفية خلال الفترة نفسها بنسبة 0.5 في المائة، أما على المستوى السنوي فحققت نموا بلغ 3.2 في المائة مقارنة بالعام الماضي. وارتفع إجمالي مطلوبات البنوك من القطاعين العام والخاص خلال الفترة نفسها بنسبة 6.2 في المائة، وواصلت البنوك تدعيم قدراتها المالية إذ ارتفعت رؤوس أموالها واحتياطياتها خلال الفترة نفسها بنسبة 10.7 في المائة لتصل إلى 181 مليار ريال.