الطلاق ظاهرة إنسانية لها أسبابها المهيئة والمسببة، هكذا يتبين من واقع الإصدارات التي تنشرها بعض منظمات العمل المسؤولة عن الأسرة كيانا وسلوكا. لعل المؤشرات التي توضح معدلات الطلاق في مجتمعنا وصلت لنقطة حرجة تنذر باتساعها وشدتها. ففي الأعوام الأخيرة، قفزت تلك المعدلات قفزة فاجعة، حيث يخيل للبعض أنه في كل ساعة من ساعات النهار تقع خمس أو ست حالات طلاق، خاصة بين الشباب من مختلف قطاعات المجتمع، وعلى كافة الأصعدة الثقافية أو العلمية، وسواء في الريف أو الحضر. وفي أغلب الظن أنها ظاهرة عامة لا علاقة لها بتقدم المجتمع أو تخلفه، وسبق لي الكتابة في هذا الموضوع من قبل، حيث اقترحت أن يكون الطلاق أمام قاضٍ حتى يكون الطلاق عدلا.. وفي هذه النقطة استوقفني البعض قائلا: لِم نقيد الطلاق وهو قيمة دينية ذكرت في القرآن وفي السنة، وفيها حل للعديد من مشكلات التوافق؟ وأستأذن هؤلاء في القول بأنها قيمة بغيضة، فهي أبغض الحلال عند الله.. لماذا؟ الإجابة: لأنها تنتقل بعموم الأسرة بعيدا عن إيقاع الحياة السوية، يواكبها موجات من العنف والغرق في مقامات اللا سواء واضطراب في تربية الأبناء، سواء أكانوا في كنف رجل آخر للأم أو لدى زوجة أخرى للأب، وفي هذه الحالة يجد الأبناء معاملة مغايرة، سواء من قبل زوجة الأب أو زوج الأم، وهكذا يضيع منا أبناؤنا عدة الحاضر وبناة المستقبل، وإزاء ذلك أجد واجبا على المهتمين بالشأن الاجتماعي أو شؤون الأسرة التصدي لهذه الظاهرة عن طريق التعامل مع مسبباتها ورسم خطط العلاج المناسبة، حفاظا على الكيان الأسري وتنشئة الأجيال، وحفاظا على سلامة البناء الاجتماعي وتماسك المجتمع وانسجامه، ولا تتغافل عن كون الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء صرح المجتمع، وهي المسؤولة عن اتجاهات وسلوك أبنائها وإرضاعهم المعايير الأخلاقية وقيم الإسلام الدين القيم السمح المتكامل. ولما كانت ظاهرة الطلاق من الآفات الاجتماعية التي تنفر منها الفطرة السليمة، وتمقتها مكارم الأخلاق، ويبغضها الله ورسوله.. فنعم لا يمكن الحيلولة دونها تماما، ولكن يمكن خفض وتيرتها عن طرق برامج الإرشاد والتوجيه النفسي والاجتماعي. ومن عوامل خفض نسبة حالات الطلاق ألا يتم وقوعه إلا في حالات حتمية معينة ومحدودة للغاية، وأن يتم ذلك في إطار القيم الدينية والمعايير الأخلاقية والثقافية والاجتماعية، ويجب إقامة علاقات التفاعل المتوافق السوي مما يدعم إقامة صلات حسنة، والنأي عن سلوك الصلف والعنف والكبر والفظاظة والغلظة والجور والطمع. والمضي في اكتساب السلوك القويم، والتحلي بالحكمة والآداب ومكارم الأخلاق، وتقوى الله في تحقيق المقاصد الأساسية في الزواج، متمثلة في السكن والمودة والرحمة وخفض الجناح ولين الجانب، وما تقضي به الفطرة السليمة ويحض عليه الدين، ويرضاه كل ذو خلق كريم.. ولو أنهم آمنوا واتقوا لتدبروا قوله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف) (النساء 19). للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 الاتصالات أو الرقم 636250 موبايلي أو الرقم 737701 زين تبدأ بالرمز 267 مسافة ثم الرسالة