وقع صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل رئيس مؤسسة الفكر العربي ومدير محطة «يورونيوز» فيليب كايلا مذكرة تفاهم على هامش أنشطة «فكر9» الذي اختتم أعماله في بيروت أمس، وحضر التوقيع حشد من المثقفين وكبار الإعلاميين ورؤساء تحرير صحف عربية. المذكرة تتضمّن شراكة إعلامية ثقافية بشأن تغطية طاولة مستديرة في بيروت تنظمها مؤسسة الفكر العربي وتستقبل خلالها الباحثين والأكاديميين والطلاب وشخصيات مرموقة من العالم الثقافي، إضافة إلى رجال الأعمال. وتتولى محطة «يورونيوز» مهمة الترويج لهذه الطاولة المستديرة في نسختها الأصلية على الموقع الإلكتروني الخاص بالمحطة. كما تتولى مهمة الترويج الإعلامي لتقرير حوار الثقافات في العالم الذي ستصدره مؤسسة الفكر العربي، بعد إطلاق التقرير الأول عن حالة الحوار بين الثقافات، على أن يبث هذا الحدث عبر أثير المحطة مباشرة، ويتم عرضه لمرات عدة على محطة «يورونيوز» وبعشر لغات. من جهة أخرى حضر الأمير خالد الفيصل البارحة الأولى مأدبة عشاء تكريمية أقامها رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في يبروت ،وشهدها فؤاد السنيورة. ومن جانب آخر، أختتم مؤتمر فكر 9 أعماله في بيروت أمس، بعدد من الجلسات والندوات وشهد حفل الختام توزيع جوائز الإبداع العربي. وانطلقت جلسة «اقتصاد المعرفة.. إمكانيات جديدة»، التي ركزت على الفرص الإقليمية المتعلقة باقتصاد المعرفة في بناء وتوفير مجالات نمو اقتصادية واجتماعية جديدة، وأدارها الباحث الأردني ماهر قدورة، وعرض الناصر خطة من خمسة عناصر مترابطة، لتحقيق الازدهار من خلال الاستقرار الاقتصادي وتنمية الموارد وتطوير المعرفة، حيث «تشكل الموارد البشرية العامل المشترك فيما بينها»، وهذا النموذج يتألف من: الابتكار، التقنية، البحث والتطوير، الموارد البشرية، والتعليم المتميز، مبينا أن توفر هذه العناصر مجتمعة يتيح الاستفادة الكاملة من أنشطتنا الاقتصادية التقليدية القائمة، وفي نفس الوقت يفتح لنا آفاقا جديدة للنمو والتطور. واشار النائب الأعلى لرئيس أرامكو السعودية للتنقيب والإنتاج أمين حسن الناصر إلى أن «الاختبار الحقيقي لأي خطة عمل، أو استراتيجية تنموية يتميز بمدى ملاءمتها لأرض الواقع، مستعرضا مشروع تطوير تقنية النانو في مجال التنقيب والإنتاج، التي بلغت مرحلة متقدمة جديدة مع القيام بأول اختبار ميداني حي لحقن مجسمات النانو التي يبلغ حجمها 1 على 10000 من الشعرة البشرية، حيث تستطيع المرور عبر المسامات الدقيقة لصخور المكامن وتسجيل معلوماتها وحتى تغيير خصائصها، موضحا أنه منذ فترة قليلة كان ذلك ضربا من الخيال العلمي، وهذا يساعد على الاستثمار الطويل المدى في التقنية عبر تطوير مراكز البحوث في التنمية عبر تطوير الكادر العامل. وتحت عنوان «الفكر العربي الحديث والتصالح مع العصر» تحدث الدكتور محمد الرميحي، قائلا «إن حاضرنا ينظر إلى الخلف، ولا يقود إلى غد أفضل، فبعض الصراعات الحالية تعود جذورها إلى قرون، ولا تزال تقسيمات الماضي تلح على الحاضر»، داعيا إلى العودة للفكر وإحياء منظومة فكرية حديثة، والابتعاد عن التقليد ببعديه التراثي والغربي، لأنهما فشلا في مواجهة التحدي». وأشار إلى حلول ممكنة اقتداء بالنموذجين التركي والإندونيسي، مطالبا إلى فهم حركة التاريخ، من حيث العلاقة الجدلية بين الإنسان ومجتمعه. وطرح أستاذ الفلسفة في جامعة نواكشوط في موريتانيا الدكتور عبد الله السيد ولد أباه في حديثه عن «الإبداع والإتباع في الفكر العربي.. الإشكاليات الراهنة»، ثلاثة مستويات لهذه الإشكالية، هي: المسألة التراثية، الإصلاح الديني، والأفق التحديثي، مشيرا إلى أن المستوى الأول تحول في العقدين الماضيين إلى إشكالية محورية في الفكر العربي المعاصر، انطلاقا من حسين مروة وطيب تزيني، اللذين كانا سباقين في مشروعيهما لقراءة التراث العربي الإسلامي من منطلقات ماركسية تقليدية، تلاهما أربعة مفكرين بارزين: المغربي محمد عابد الجابري، والجزائري محمد أركون والمصريان حسن حنفي ونصر حامد أبو زيد، متابعا أنه رغم الاختلاف الجلي بين هؤلاء الأعلام، من حيث الرؤية والمنهج، إلا أن ما يجمعهم هو هذا التصور للتقليد العربي الإسلامي الوسيط بصفته تراثا يتعين علينا تحديد الصلة به في وضعنا الراهن، موضحا أن «ما نلمسه بوضوح في ساحتنا العربية من التكوين العلمي لا يحمي شبابنا من التطرف والظلامية، فالمتطرفون الانتحاريون الذين فجروا أنفسهم كانوا في مجملهم من خريجي الكليات العلمية والتقنية، وخلص ولد أباه من هذه المعطيات إلى أنه لا نهوض ولا تحديث دون أفق فكري وقيم إنسانية دافعة. ومن شأن الأديب والفيلسوف والمفكر الاجتماعي صياغة ونشر هذا القيم وليس العالم الطبيعي أو التقني المالي. وتطرقت الكاتبة والأكاديمية في علم النفس منى فياض حول «تحديات الإبداع عند المرأة العربية بين المعوقات الجندرية والواقع العربي المعوق»، حيث أشارت إلى ضرورة توفر حد أدنى من المقومات المادية التي تساعد المرأة على الإنتاج الفكري أو الإبداع، سواء أكان ثقافيا أم علميا، التي نادرا ما تمتعت به النساء عبر التاريخ، مؤكدة أن وضع المرأة في بلادنا العربية لم يتحسن إلى الدرجة التي نأملها. أما الأستاذة في كلية الآداب والفنون والإنسانيات في جامعة منوبة في تونس الدكتورة آمال قرامي، فأشارت في حديثها حول «الحركة النكوصية: خطاب الإفتاء أنموذج» إلى أن المجتمعات العربية تعيش تحولات كبرى ذات نسق سريع فرضتها العولمة، وهذه التحولات قد تجاوزت البنى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والذهنية لتشمل البنية الفكرية، متسببة بذلك في ظهور مجموعة من القضايا الجديدة والمعقدة. موضحة أن مشروع تحرير العقل والتاريخ والمعنى يتطلب معرفة تفترض تصورا للمعنى لا يكون فيه جوهر خالد فوق الزمان، بل صيرورة يدخل الزمان في صميم تركيبها. وأوضح المفكر الدكتور رضوان السيد في حديثه عن «الاتباع في الدين والثقافة العربية» أن النهج الاتباعي في فهم أصول الدين وفروعه يعتبر أن المشروعية الدينية لا تتحقق إلا بالعودة الدائمة إلى الأصول، وأنه أسهم في تكون السنة، لكنه لم يستطع السيطرة في أوساطهم لا في الفقه ولا في علم الكلام، مبينا أنه لا علاقة للأصوليات الحديثة والمعاصرة في أوساط المسلمين بالاتباع الحديثي أو السلفي أو الأشعري القديم. فهي حركات حديثة نشأت في ظروف الحداثة، وإنما تستخدم مصطلحات ورموزا إسلامية قديمة، لتكسب نفسها المشروعية، أو لتغطي على أهدافها وهويتها الحقيقية.