أكد صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل رئيس مؤسسة الفكر العربي أن المؤسسة تواكب الاهتمام العربي والإسلامي بالحوار بين الحضارات والأديان الذي تبناه وأطلقه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وتؤمن بحكمة الانفتاح على ثقافات العالم، وتسعى لتعزيز الحوار الموضوعي معها والبناء على المشتركات وإقامة الشراكات التي تحقق مصالح الجميع. الأمير خالد الفيصل، أوضح في افتتاح مؤتمر «فكر 9» في فندق فينيسيا في بيروت أمس، بحضور الرئيس اللبناني ميشال سليمان، رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، رئيس مجلس النواب نبيه بري، وحشد دبلوماسي وسياسي وثقافي، «أن السعي للحوار مع الحضارات يهدف أن تسود ثقافة العمل من أجل أن تسود ثقافة السلام في الأرض بديلا عن الصراع الذي يهدد الطاقات الإنسانية والسلم الأهلي». وأضاف الأمير خالد في كلمته في حفل افتتاح فكر 9 «باسم كافة أعضاء مؤسسة الفكر العربي ومنسوبيها أبادر بتقديم الشكر إلى لبنان العروبة على احتضانه هذه المؤسسة منذ قيامها، وتقديمه كل العون لمناشطها، وبخاصة تلك التي انتظمت على أرضه طوال سنواتها العشر، وقد صممت المؤسسة على عقد مؤتمرها السنوي اليوم في دولة المقر لبنان، تضامنا مع هذا البلد العزيز على قلوب العرب جميعا، وحرصا على تخطيه الظرف الراهن، وتكريس وحدته الوطنية، بانخراط كافة أطيافه تحت لواء شجرة الأرز». الدور الحيوي واستطرد رئيس مؤسسة الفكر العربي «يسعدني أن أرحب بضيوف المؤتمر الأفاضل، مقدرا حرصهم على التواصل مع المؤسسة، وبذلهم خلاصة تجاربهم الثرية لمؤتمرها، وأحيي الحضور الكريم من المفكرين والمسؤولين المهمومين بقيام الشراكة العربية في حركة العالم التقدمية». وحول المؤتمر قال الأمير خالد: «يتبنى هذا المؤتمر في دورته التاسعة موضوعا بالغ الأهمية عن الدور الحيوي الواجب والمستحق لأمتنا العربية في خطط العالم نحو المستقبل على مرجعية دورها السابق في مسيرة الحضارة الإنسانية، وثراء حاضرها بالفرص والإمكانات، التي تؤهلها مجددا لدور فاعل في صناعة هذه الحضارة، باعتبار أن الحضارة الإنسانية واحدة تتناوب الأمم أدوار التأثر والتأثير في صناعتها، والتعاطي مع مخرجاتها إرسالا واستقبالا فيما بينها، ونظرا لتعاظم هذا التناوب وتسارعه بفعل الثورة الهائلة في تقنيات الاتصالات والمواصلات فقد حرص المؤتمر على أن يجمع في ساحته بين أصحاب المبادرات وصانعي القرار والأكاديميين والمثقفين في المحيطين العربي والعالمي». وزاد رئيس المؤسسة «المأمول من مؤتمركم الموقر أن يتوصل إلى اكتشاف الأساليب الحديثة والفاعلة، التي تحفز الوعي بدور العرب الحضاري، وتطلق قدراتهم الآنية لصناعة المستقبل بالبناء على الإرهاصات النهضوية التي تلوح الآن بالأفق العربي في أكثر من مكان، وهذه الإرهاصات تدركها العين المنصفة في الكثير من مبادرات الأعمال، وتحديث الأفكار والتقنيات والوسائط التي تأخذ دورها في صنع الحضارة بالإبداع والتلاحم الاجتماعي وروح المبادرة واستمرار التعليم القائم على أسباب العصر وآلياته، وهكذا يحدونا الأمل في إحياء تشكيل يجمع بين هذه المقدرات التنموية في كل الوطن العربي, نجابه به تحديات الضعف والشتات، ونعزز من خلاله توظيف هذه المقدرات في خدمة مشروع أمتنا الحضاري». وأضاف «في هذا العام .. حيث تحتفل مؤسسة الفكر العربي بمرور عشر سنوات على قيامها، كان لها حضور في أكثر من مناسبة، وكانت بيروت أكثر المواقع احتضانا لمناسباتها، ففي مطلع العام جاءت جامعة الدول العربية أولى المحطات، للمشاركة في الاجتماع التمهيدي للقمة العربية الثقافية، التي طرحت فكرتها المؤسسة أواخر العام الماضي من بيروت، حيث استضافت المؤتمر التحضيري لها، ونظمته المؤسسة تحت مظلة الجامعة العربية، منتصف العام الحالي». 5 ملتقيات وخلص الأمير خالد في كلمته للقول: «نظمت المؤسسة، في إطار اهتمامها بتطوير التعليم العربي، خمسة ملتقيات سنوية، ومشروعا تطبيقيا للتعليم الرقمي؛ وقبل أيام وقعت المؤسسة، مذكرة تفاهم لمشروع شبكة التطوير التربوي العربي مع مكتب اليونسكو الإقليمي، لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، كما سيتم اليوم (أمس) التوقيع على عقد المرحلة الثانية من مشروع التطوير، المستند إلى المدرسة في البلاد العربية «تمام 2»، مع الجامعة الأمريكية في بيروت، بعد نجاح المشروع في مرحلته الأولى، كما دفعت المؤسسة في الوقت ذاته بتقريرها السنوي الثالث، عن واقع التنمية الثقافية في الوطن العربي، الذي حظيت إصداراته باهتمام كبير على الساحة العربية». استشراف المستقبل من جهته دعا الرئيس اللبناني ميشال سليمان، في كلمته، اللبنانيين إلى أن ينشطوا ويتطلعوا إلى المستقبل والوصل بين العرب من خلال الحوار والتبادل الثقافي، مشددا على ضرورة وحدة المسعى العربي والتطور في استشراف المستقبل والتعامل مع قضاياه. وشدد الرئيس سليمان، على أن التنوع ليس نقيض الوحدة بل هو السبيل إليها كما هي الحال في حركة الفكر الحر، مشيرا إلى أن العلاقة بين التنوع والوحدة نختبرها في تاريخ الحضارة. ورأى أن جدلية التنوع والوحدة لا تقتصران على شؤون الثقافة بل تتعدى ذلك وصولا إلى السياسة والاجتماع، معتبرا أن التحدي اللبناني القائم على إشراك جميع الطوائف في الشأن العام يزيد من حجم مسؤولياتنا كلبنانيين وعرب لإنجاحه في وجه بروز جهة أصولية في الشرق ترفض الآخر، وأصوات باتت ترتفع في الغرب تشكك في إمكانية نجاح التعايش القائم على التعددية الثقافية. وفي ختام حفل الافتتاح قدم الأمير خالد الفيصل درعا تذكارية إلى الرئيس اللبناني ميشال سليمان.