رسخ في مفهومنا منذ نعومة أظفارنا أن التربية قبل التعليم وارتبط مفهوم التربية في عقول كثير من الناس «بالعصا» وأنها الوسيلة الوحيدة التي تربي، وبعد أن صدرت الأوامر بمنع الضرب بشتى أشكاله نادى كثير من التربويين إلى أن التربية انتهت وأن التعليم كذلك، فلا تعليم بلا عصا أو عقاب كما تردد هذا المفهوم الخاطئ عاش معنا حقبا من الزمن حتى أننا كنا نقول للمعلم «لك اللحم ولنا العظم» فكانت المدرسة شبحا مهيبا بالنسبة للمتعلم وبالتالي قادت إلى مخرجات متدنية وسلبية انتهى ذلك الزمان وما زلنا نسمع أنه بعد منع العقاب البدني تردى مستوى التعليم عندنا، وفي الحقيقة أن وسيلة العقاب بالعصا لا تجدي أبدا ولكن يجب في المقابل أن نركز في عملية التعلم كعملية ورسالة سامية ومهنة شريفة وأن ننهض بالتعليم ونوفر كافة الإمكانيات والوسائل المتاحة للمعلم والمتعلم، فالمتعلم بحاجة إلى بيئة مناسبة ليتعلم والمعلم أيضا يحتاج إلى نفس البيئة حتى يبرز إمكاناته المتاحة ووسائله المختلفة، المتعلم بحاجة إلى تنوع في طرق التدريس والمعلم يحتاج إلى دورات في تلك الطرق والوسائل التقنية المتجددة، المتعلم يحتاج إلى مرشد طلابي متخصص متمكن يتابعه ويأخذ بيده وينصح ويوجههه، والمرشد بحاجة إلى دورات وتفرغ كامل وميزانية وإدارة ومكتب مناسب وغير ذلك، المتعلم يحتاج إلى الرفق وإلى معلم حنون وبحاجة إلى منهج مبسط ومحتوى متنوع، المعلم بحاجة إلى إدارة متجددة تملك من الخبرة الشيء الكثير والكثير وليس كما هو حاصل الآن بالمحسوبية وغيرها... هذا ولن نصل بتعليمنا إلى مصاف الدول المتقدمة إلا إذا وصلنا بالمعلم إلى مستوى رفيع وأهلناه تأهيلا جيدا ووفرنا له كل الإمكانيات التي يحتاجها، وأعطيناه كامل حقوقه المسلوبة منه وأعدنا مزايا معلمي الصفوف الأولية، خصوصا معلم الصف الأول ورفعنا مستواه، ولبينا رغباته في النقل وفرغناه عن بقية المهمات التي تسند للمعلمين كالاحتياط والمناوبة مثلا وفي المقابل محاسبته، هذا إذا كنا نطمح لأجيال على الأقل تسابق الزمن في العلم وتنقلنا من كابوس العالم الثالث الذي ورثناه أبا عن جد ولا زلنا. فهد بن علي الشهراني بيشة