أكد مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن الهيئة والصحافة يد واحدة في بناء هذا الوطن. وأجاب آل الشيخ في محاضرة ألقاها البارحة في جامعة أم القرى على سؤال «هل تتبنى هيئة كبار العلماء مراقبة مراعاة الثوابت الشرعية في الصحافة»، قائلا: «نحن والصحافة يد واحدة لبناء هذا الوطن، فهم إخواننا وأبناؤنا ونرجو أن نكون وإياهم على صلة قوية». وحث المفتي العام على اتباع أسلوب الأدب والاحترام وإعطاء كل ذي حق حقه في مناقشة الأخطاء، مؤكدا أنه «لا أحد يسلم من الخطأ لكن من الخطأ أيضا مناقشته بشكل انتقامي متنقص وكلمات سيئة يشم منها البغض والعداوة وعدم الاتزان»، مستطردا: «من منا لا يسلم من الخطأ، الأخطاء صادرة منا، ومن منا معصوم، لكن خير الخطائين التوابون». وشدد على القول «أيليق بالكاتب المسلم أن يتخذ الصحافة منبرا له كي يبث فيها السموم وينشر فيها الأفكار السيئة والمعتقد الذي لا يستند إلى دليل شرعي وينتقص من هذا ويسب ذاك ويجرحه، مشيرا في السياق ذاته أنه «بالإمكان معالجة الخطأ بالكلام المتزن الذي يهدف لإحقاق الحق دون الشخصنة، فتكون الكتابة نقدا لا تصحيحا وذما لا تثبيتا، وهذا ما يجب على المسلم بأن يتبع منهج الاعتدال الذي قال الله عنه في كتابه (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى)»، وزاد: «كم من منتقم ومتشف يجعل من كتابته وسيلة للحط من قدر الآخرين وتشوية صورتهم وقدرهم والقول فيهم بلا علم لأجل التشفي ولكونهم يخالفونهم في أمور تخالف الشرع». وطالب آل الشيخ بالأدب والعدل والإنصاف «حتى تكون كتاباتنا ومناقشاتنا هادفة يقصد منها إعزاز الحق والحرص على وحدة هذا الوطن المبارك وكرامته وعزته وألا نفتح باب التنافر فيما بيننا ويتحول الأمر إلى سباب»، مستدركا القول «الأخطاء تناقش والإنسان غير معصوم، لكن لا بد من أدب وطريقة مستقيمة فلايكتب المسلم إلا خيرا ولا تكون الأهواء والشخصيات تحكمنا في أقلامنا وكتاباتنا بل يحكمنا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم»، وخلص للقول «هدفنا إصلاح الوطن والوصول إلى نقاش علمي هادف لجمع الكلمة وتوحيد الصف وحماية هذا الوطن من تصدع بنيانه بأرباب الأقلام غير السوية». وحينما سئل عن فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء بخصوص تحريم اختلاط المرأة بالرجال في أماكن العمل ووظيفة المحاسبة «الكاشيرة»، أوضح مفتي عام المملكة أن اللجنة الدائمة لجنة شرعية منبثقة عن هيئة كبار العلماء موكول لها الإجابة عما يرد إليها من استفتاءات»، معتبرا أن فتواها بالجملة موافقة للكتاب والسنة. وردا على تناول الكتاب الصحافيين قرار اللجنة «عفا الله عنا وعنهم فهدفنا الحق والوصول إليه، كما أن على المفتي بيان الحق»، مؤكدا «مسألة أن يقبل المستفتي الحق واتباعه من عدمه فهذا راجع لنفسه وهذا الأمر لا يهم المفتي»، وخلص للقول «الأصل أن نكون يدا واحدة وألا نتخذ من بعض ما يخالف رأينا موقفا عدائيا أو موقفا فكريا لاداعي له، والواجب على الناس التعاون والتفاهم والسؤال عما أشكل عليهم». وتطرق مفتي عام المملكة إلى الدعوة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز للفرقاء العراقيين للاجتماع بعد الحج في الرياض «هذا صوت حق أطلقه أب رحيم بأمته يسعى لجمع كلمتهم إيمانا بكلام الله تعالى (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس)، وقوله تعالى (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم)، وقوله صلى الله عليه وسلم (ألا أنبئكم بما هو أفضل من الصلاة والصيام والصدقة قالوا بلى يارسول الله، قال: إصلاح ذات البين)، مؤكدا أنه «يجب على الفرقاء العراقيين أن يصغوا إلى هذا الصوت ويغتنموه، لعل الله أن يجعل على يدي خادم الحرمين الشريفين الخير لهم ولغيرهم، مشيرا إلى أن الأمة الإسلامية تؤمل من الملك عبد الله مايكون منطلقا إلى التحرك نحو باكستان، الصومال، أفغانستان، والسودان وغيرها ليتحقق جمع الكلمة ووحدة الصف. وشدد آل الشيخ على ضرورة أن نكون يدا واحدة متراحمين يقوي بعضنا بعضا لنسير على طريقة مستقيمة هدفها الخير والإصلاح. وحذر مفتي عام المملكة الأزواج من القسوة على زوجاتهم وإطلاق العبارات النابية عليهن وإهانتهن بالكلمات البذيئة، واصفا أن هذا الصنف من الناس لا حياء عنده لأنه يسعى إلى الطلاق والفرقة، مبديا أسفه على كثرة حالات الطلاق، مبينا أن معظم الحالات الواردة إلى مكتب المفتي أسبابها تافهة، محذرا من أخطار تزايد الطلاق.. وذكر آل الشيخ أن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده وأمنوا دماءهم وأموالهم منه، فلا يتحايل عليهم بمساهمات وهمية، ولا يتورط في جماعات إرهابية هدفها استخدام الشباب لتنفيذ مخططاتهم الخبيثة وتفجير الممتلكات وإخلال بالأمن وإشاعة الفساد، واصفا أن المتورطين في هذه الأعمال خائنون لإخوانهم المسلمين بهذه الأفكار الإرهابية السيئة. وعن سؤال حول تصاريح الحج وحكم أداء الفريضة دون الحصول عليها، أجاب المفتي أن تنظيم الحج كل خمس سنوات قرار شرعي، أقرته الحكومة بناء على قرار صادر من هيئة كبار العلماء نص على أنه «لولي الأمر أن ينظم أمر الحجيج حتى لايقع الناس في حرج».