انقطعت عن «الطائف المأنوس» مصطافا، منذ أكثر من خمس عشرة سنة، وعدت إليه هذا العام، مستمتعا بطبيعته الخلابة، وجوه البديع، ومناخه اللطيف، وهوائه العليل، مستعيدا أياما أمضيتها مع الصديق العتيد «علي الرابغي». عدت إلى الطائف، وعادت بي الذكريات إلى أيام خلت، إلى عام 1384ه عندما أجريت مقابلة إذاعية مع «محمد بن لادن» رحمه الله الشهير باسم «المعلم» وقد مضى إلى ربه، تاركا من خالفه ذرية، حافظت على ما أنجزه للوطن، يقودها ابنه «المهندس بكر بن لادن». تمت المقابلة، في بيت صغير متواضع، على قمة «جبل كرى» وتزامن وقتها مع إسناد الحكومة ل «المعلم» تنفيذ طريق الهدا، الذي دشنه الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله (3 صفر 1385ه)، ونقلت حفل افتتاحه على الهواء مباشرة، بصحبة زميلي «محمد الشعلان» رحمه الله. كان الطريق إلى الهدى يوم المقابلة، محفوفا بالمخاطر، فأصوات التفجيرات التي تدك الجبل دكا، تصك آذان زميلي مهندس الإذاعة الخارجية، وسائق المركبة، وأنا، والجرارات الضخمة التي تحطم الصخور، مبثوثة على طول الطريق، وبين كل لحظة وأخرى، إما أن أسمع أصوات التفجيرات، فلا أهتز رعبا ولا هلعا، فهي للبناء لا الهدم، وللتقدم لا للتأخر، وللأمام لا للخلف، وإما أن أسمع أصوات الصخور وهي تتفتت، لتلقى في أحضان الجرارات الضخمة، فأحس أن الضوء لابد أن يشرق في آخر النفق. ومضت السنون، والشهور، والأيام، وإذا بي ذات يوم وجها لوجه مع المهندس «بكر بن لادن» رويت له كيف بدأ والده وهو يافع مقاولا معماريا بسيطا، رأس ماله بضعة ريالات سعودية، إلى أن تم تكليفه مديرا للمشروعات الحكومية، ومن ثم أول توسعة للمسجد الحرام، في عهد الملك عبد العزيزرحمه الله، فسألني: هل عندك شريط المقابلة؟ فأجبته: «لا للأسف، إنها تتوسد الثرى.!! لقد مسح شريطها من أرشيف الإذاعة، وغاب معه تاريخ وطن، وبناة، ومنجزات». اليوم وبعد عشرات السنين، والمعلم «محمد بن لادن» في ذمة الله، وأعماله شاهدة عليه أقول:خرجت من مقابلته بانطباعات عدة. هو واحد من الشاكرين لله، والشكر يقود إلى الزيادة. لقد كبرت همته، فلم يسئ إلى من أحسن إليه، ولم يعن على من أنعم عليه، أخر الأكل فطاب طعامه، وأخر النوم فطاب منامه، لم يخن وطنه، ولم يبع بلاده، فمن يفعل ذلك يكون «مثل الذي يسرق مال أبيه ليطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه، ولا اللصوص يكافؤونه». عدت إلى الطائف، فوجدت كل شيء تغير إلى الأحسن والأفضل، خدمات سياحية جيدة، و «تلفريك» هو الأطول من نوعه في الوطن العربي، لكني لم أستقله، فعندي «فوبيا الأماكن المرتفعة» ولم يفلح صديقي بندر بن عبد الرحمن بن معمر ( العضو المنتدب لشركة الطائف للاستثمار والسياحة) في إقناعي بالعدول عن موقفي، وقلت له: أفضل الموت على الأرض، لا معلقا في السماء. بعد زيارة لم تدم أكثر من ( 48 ) ساعة خرجت بانطباع مفاده: إن الطائف ستعج في غضون سنوات قلائل، بمنشآت سياحية جمة، وخدمات سياحية ممتازة، ووحدات سكنية، ومراكز سياحية، وفنادق، وشقق، ومكاتب، ومواقف للسيارات، وطرق جديدة، وأنفاق جديدة، وجسور جديدة، ومشروعات زراعية، وحيوانية جديدة، أسهم فيها رجال أعمال مواطنون، وتنفذها شركة الطائف للاستثمار والسياحة. في طريقي إلى جدة، توقفت أمام بائع فاكهة في الهدا، اشتريت منه «رمانا» و «تينا» و «عنبا» وكان رفيق الرحلة ( علي العطاس) يشرح لي الكثير من أعمال الشركة.. مشروع الوحدات السكنية في الهدا، ومشروع تطوير قرية الكر السياحية، ومشروع تطوير استراحات طريق كرا. الطائف مقبل على سياحة متطورة، تجذب السياح، فالمقاهي التراثية، في الجلسات المطلة على مناظر الجبال، والمنحدرات، تذكرهم بالتاريخ العريق، والحضارة التي تطورت عبر الزمن، وعندما تسيحون في الطائف، ستشاهدون رؤى وطموحات في مدينة عرفت ب «مدينة الورود» وسترددون مع طلال مداح (رحمه الله ): وردك يا زارع الورد. BADR8440&YAHOO.COM فاكس: 014543856 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 106 مسافة ثم الرسالة