مات كيسنجر هكذا فجأة.. وبدون مقدمات.. كان سمينا ومعافى.. وما شكا من مرض قط ، وكل مشكلته أنه يحب أكل العظام.. وقد علقت عظمة في حنجرته فاختنق ومات.. وكيسنجر هذا لم يتعاط السياسة في حياته.. ولا دخل إطلاقا باب البيت الأبيض.. ولم تخط قدمه إلى أروقة الكونجرس ولم يسبق له أن اعتلى منبرا في الجامعات ولم يذهب إلى إسرائيل.. ولم يدع لمساندتها.. لا في داخل أمريكا ولا في خارجها.. وهو لا يمت بصلة من قريب أو بعيد ل (كيسنجر) وزير أمريكا الأسبق. كيسنجر هذا كائن مسالم.. يأكل في اليوم.. رطلين من اللحم البقري الفاخر.. ويحلي بالقليل من العظام.. ويصرخ عندما يجوع.. وعندما يشبع.. ويركض مع سيدته في الصباح الباكر في حديقة الحي.. ولم يعتد على أحد.. ولم يعض أحدا.. كان هادئا للغاية.. وقد حاولت مصافحته عند قدومي إلى (سياتل) قبل أشهر لزيارة ابني.. ولكن كيسنجر أشاح بوجهه عني.. لقد عرف أني غريب.. وربما فطن أني قادم من الشرق الأوسط ولم أعاتبه.. أو أحاججه.. فالمستر كيسنجر لم يألف سحنتي.. المهم.. أن المأسوف على شبابه.. كان وديعا.. وقد حزنت عليه سيدته حزنا بالغا.. ولم تغادر منزلها أسبوعا كاملا وحاولت أن أفهم فلم أستطع.. وقد انتهى بي الأمر إلى ترك هذه الأمور الغامضة.. والكثير من أحزان البشر لاتحتاج إلى تفسير.. كانت حياة كيسنجر قد انتهت.. وهذا يحدث دائما لكثير من الكائنات والمخلوقات.. ولكن الذي أثار انتباهي هو صورة السيدة (روز) صاحبة كيسنجر في صحيفة الحي.. وسألت ابني (رياض) ماذا يقولون هنا عن السيدة (روز) وصديقها كيسنجر؟ فقال لي ضاحكا: لقد رفعت قضية على السوبر ماركت الذي اشترت منه العظام لصديقها، وهي تطالبهم بالتعويض بعشرة ملايين دولا. قلت له: عشرة ملايين دولار من أجل كيسنجر؟ (من أجل كلب)، فقال غير مكترث: هذه أمريكا يا أبي.. فقلت له: والله إن هذا من عجائب وغرائب هذا الزمان؟. للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 الاتصالات أو الرقم 636250 موبايلي أو الرقم 737701 زين تبدأ بالرمز 254 مسافة ثم الرسالة