يقال إن الفيل عندما يوشك على الموت يبحث عن مخبأ حتى لايرى موته أحد .. تلك حقيقة لا تنكر!! فالفيل القوي الضخم يستحي أن يرى البشر ضعفه ووهنه وانهيار قوته وجبروته عند الموت .. وقد شاهدت في أحد الأفلام الأمريكية فيلا أفريقيا يجر قدميه الثقيلتين ويصفع بأذنيه الكبيرتين الهواء ويكاد يزحف على أربع إلى كهف مظلم امتلأ ببقايا عظام الفيلة .. لقد اختار ذلك الفيل الكهل الموت وحيدا وبعيدا عن الأنظار كأسلافه الذين سبقوه وقد توسد العظام ومات على الفور ومن يومها أخذت أتساءل لماذا لا تعترف الفيلة بالوهن والضعف والمصير المحتوم وهل انهيار القوة سبب كاف لهذا التخفي والاحتجاب والهرب من تلك المحطة الأخيرة التي تصل إليها كل الكائنات في نهاية الأجل وترى أين المفر؟ إن العصافير والطيور والغزلان والكائنات الصغيرة عموما لا تخاف من الموت ولا تهرب منه وتموت غالبا في العلن بلا مخبأ ولا ملجأ ولكن هذا الفيل الأكبر يستتر ولا يموت في العلن والجمل أيضا عند التزاوج يكره أن يراه البشر .. إنه يمارس الموت بطريقته أيضا عند التكاثر وهو إن لمح آدميا ينظر إليه عند تزاوجه مع أنثاه اشتد به الغضب واندفع كالإعصار لافتراس من يكشف عريه أو تزاوجه وقد تكون هذه عادة الجمال وهي لا تبعد كثيرا عن عادة الرجال الذين يستترون ويتخفون ويخجلون من ممارسة هذه الأفعال علنا ولكل عذره الرجل والجمل .. ولكن الفيل ما عذره؟ ولماذا لا يموت على رؤوس الأشهاد؟ لقد احترت حقيقة في هذا الأمر وأخيرا عثرت على معلومة تقول إن تيمورلنك عندما أصيب بالمرض والوهن قبل الموت حرم على ذويه وأقاربه وأعوانه رؤيته أو زيارته أو تأمل ضعفه ومثله فعل جنكيز خان وبعدهما بكثير انتهج نهجهما نابليون وكتب في وصيته أنه لايريد أن يرى موته أحد ولكنه مات بطريقة أخرى وشاهد موته العديد من الناس. وفي العديد من الأساطير والحكايات القديمة نقرأ شيئا كهذا فالزير سالم مثلا مات متكئا على رمحه وبقي ساعات طويلة وربما أياما هكذا والناس تعتقد أنه حي وتهرب منه وفي هذا الزمن هناك العديد من الموتى الأحياء بدون رماح وبدون سيوف وبدون قوة وهذا هو حال الطغاة الذين قهروا شعوبهم وأفنوا مقدراتها ومكاسبها وأمجادها بفعل طيشهم وعدوانهم على جيرانهم وقد حاق بهم الدمار والهلاك وماتوا وهم أحياء ولكنهم يرفضون الاعتراف بالوهن والضعف والموت .. أيها السادة إن الفيلة تموت حتى لو كانت في مخابئ تحت الأرض ولا أزيد. للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 الاتصالات أو الرقم 636250 موبايلي أو الرقم 737701 زين تبدأ بالرمز 254 مسافة ثم الرسالة