إذا كان أي إنسان سعودي، بل عربي ومسلم، بل وأي ممتلك للإنسانية يجد في نفسه استبشاع واستنكار ومقت حوادث التفجير الآثمة جراء ما أنتجته من قتل وتدمير وترويع وتكدير للأمن في هذا المجتمع المسلم، ويسمع ويقرأ للعقلاء من علماء ومسؤولين ومفكرين، وغيرهم من فئات الناس ما يجد أن لا مزيد عليه من قبله في الإدانة والرفض والاستهجان، فإن من الحري بنا أن نتجاوز إلى تأمل ورصد ما ينفعنا ومجتمعنا مستقبلا من متواردات أجواء هذه التفجيرات وانعكاساتها. في هذا الإطار أقف مع بعض النقاط التي أرى أهميتها في هذا الشأن: 1 (القتل) و (تدمير الممتلكات) و (الترويع) نتائج فاحشة ومؤلمة للتفجير، وإدانته بسببها مبررة شرعا وواقعا، لكن هناك نتيجة أخرى مثل تلك النتائج، أو أوخم، وهي هز استقرار الوطن والإساءة لسمعته، وإرباك أدائه لرسالته، مما ينعكس على مسيرته النهضوية في البناء الداخلي والموقع الخارجي، إن لمثل هذه الأحداث التي تبدو محدودة الأثر زمانا ومكانا عواقب وخيمة إذ لم يق الله المسلمين شرها، ولم يعوا هم خطرها؛ فيستعظموه، ويتجاوزوا به مجتمعهم وأمتهم، فلا بد من الوعي الحضاري بهذا القضية أولا، ثم التعامل معها في حدود خطرها. 2 في إدانة التفجير هناك استناد مجمع عليه على الدين، خاصة من المواطنين أيا كانت ثقافتهم ومستواهم الفكري، وهذا منطق طبيعي أن يستعين الإنسان عند احتدام الخطر بأمضى أسلحته للمواجهة، وهو بالنسبة للمواطن الذي بنى حياته اعتقادا وفكرا بناء دينيا الإسلام، وسيظل الدين ملاذه عند الأزمات، وستظل حقائق الإسلام نوره الذي يستبين به طريقه في مدلهمات الفتن، وسيبقى الشرع ولاء وانتماء ومنطلقا صبغته التي يتعامل الآخرون بها معه، لكني أشير إلى مسألتين: الأولى: ينبغي على كثير من الناس أن يرتقوا بثقافتهم الشرعية وخاصة نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية من حيث سلامة نطقها، ومن حيث تناسب الآية أو الحديث مع القضية المستشهد بها عليها، اتقاء للوقوع في تحميل الشرع ما لا يحمل من جهة، ولأن الخطأ والنقص هنا يرتد ما يهدف إليه المستشهد، فهو يهدف من استشهاده بالنص الشرعي إلى تأصيل وجهته وتأكيدها، فإذا وقع في الخطأ كانت النتيجة أن يشك المتلقون منه في صدق ما يريد بسبب سوء تعامله مع النص. المسألة الثانية: إن الاستناد في الموقف من الحدث على البعد الإنساني سواء في جانب القيم الفطرية مثل: احترام الإنسان المسالم، وعدم غدر الآمن، ونحوها، أو الجانب الاجتماعي المتمثل في الحفاظ على المصالح من خلال النظام الاجتماعي العادل لا ينافي الإسلام؛ بل هو من الإسلام، ما دام في إطار قيمه السامية، فذلك البعد الإنساني قرآني من جهة، وإنساني يشاركنا فيه أغلب البشرية من جهة أخرى. * عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.