التأثير على كل عملية قضائية أمر لا يمكن الاحتراز منه؛ لذا وضعت الأنظمة والإجراءات للتقليل منه ليصل إلى درجة غير مؤثرة في عدالة الأحكام القضائية أو النظر القضائي، وهذه المؤثرات تحدث ميلا طبيعيا يقع تحت تأثيره كل العاملين في عملية التقاضي؛ لذا فعليهم أن يتعرفوا على نوع الميل واتجاهه لاتخاذ الاحتياط اللازم لتقويمه، ويتحتم ذلك على القاضي على وجه الخصوص؛ لذا فعليه أن ينتبه إلى اتجاه الميل الطبيعي في كل قضية ليعرف اتجاه الاحتياط اللازم للمحافظة على أعلى درجة من العدل، فاتجاه الاحتياط على سبيل المثال في قضية بين أستاذ جامعي من كبار المثقفين وأحد أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يختلف عن جانب الاحتياط فيما لو كانت القضية بين أحد أعضاء هيئة الأمر بالمعروف وبين أحد كبار العلماء، أو بين أحد كبار المثقفين وأحد العمال في الجامعة، فالفروقات في المركز الاجتماعي تحدد نوع الاحتياط واتجاهه. التعرف على المؤثر واتجاه وحدة التأثير أو شدته أمر مهم لكل قاض ليستطيع أن يوفر لنفسه أكبر عون على إدراك جانب العدالة وتقدير نوع الاحتياط الصحيح لها ومقداره، فلا أحد يستطيع أن يقوم بهذه العملية الذهنية غيره؛ حيث إن الأمر يتطلب مهارة في ممارسة السلطة التقديرية والتي لا يتوقع إتقانها دون الاعتماد على معايير مهنية وقضائية. وخلاصة ما ورد في هذه البحث النظر في الفروق بين المدعي والمدعى عليه من جهة، وعبر عدة محاور والنظر في تأثير هذه الفروق على النظر القضائي والأحكام القضائية من جهة أخرى، وملخص ذلك كما في الجدول المرفق. 1- الفروق في المركز الاجتماعي: بين العالي والمتدني. 2- الفروق في المشاركة الاجتماعية: بين المرتفعة والمنخفضة. 3- الفروق في الثقافة: بين السائدة والمسودة. 4- الفروق في التنظيم الاجتماعي: بين المنشآت الإدارية والأفراد. 5- الفروق في الضبط الاجتماعي: بين من ليس له سوابق ولم تطبق عليه أي من الأنظمة التي تطبق على المخالفين وبين من له سوابق وطبقت عليه أنظمة كثيرة. 6- الفروق العرقية: بين الأسود والأبيض مثلا. 7- الفروق في المسافة: بين الداعمين والمدعومين. ومن المهم إدراك أن هذه الظاهرة الطبيعية التي لا يمكن الاحتراز التام من تأثيرها يجب ألا تستخدم كعذر أو تبرير للحيف ومعاملة الخصوم بطريقة غير متساوية، فالمقصود من هذه العمل إدراك ثلاثة أمور لضمان عدالة القاضي وهي: أولا: أن التأثير على القاضي حاصل لا محالة. ثانيا: أنه لا بد للقاضي من التعرف على نوع التأثير واتجاهه ومقداره. ثالثا: أنه لا بد للقاضي من اتخاذ إجراء تصحيحي للتعامل مع المؤثرات الخارجية وإن لم يستطع، فليستعف من نظر القضية. الدلالات والتوصيات لأن علم اجتماع القانون علم تجريبي (إمبيريقي) بكل ما يتضمنه ويتطلبه هذا المفهوم، تجده يقتصر بطبيعة الحال على ما يمكن ملاحظته، وعلى جمع المعلومات الميدانية الواقعية عن ومن ممارسة القانون، أي بعبارة أخرى القانون كما يمارس ويطبق؛ ومعنى هذا بوضوح أنه لا يستطيع التعرض بأي حال من الأحوال لقضايا أخلاقية وقيمية مثل: كيف ينبغي أن يكون القانون؟ أو ما العدالة؟ فالقضايا القيمية والأخلاقية تمثل ما يجب أن يكون، وليس ما هو كائن بالفعل؛ لذا فهي غير قابلة للقياس كعمل ميداني واقعي، ولكن مع هذا تمثل النظرية التي عرضت في الصفحات السابقة تقدما ملحوظا في دراسة القانون والتقاضي وفهمهما، ليس فقط من منظور القائمين عليه والممارسين له، بل وكذلك من منظور المواطنين العاديين والمهتمين بالعدالة والقضاء. فهي إذ تلقي الضوء على كثير من التطورات الغامضة القديمة لممارسة القانون وتثير تساؤلات جديدة ذات دلالات فائقة الأهمية، وفيما يلي نشير إلى بعض من هذه الدلالات والآثار: الآثار القضائية أ- ثمة مفاهيم وقضايا كثيرة كانت تؤخذ من فقه القانون التقليدي وفلسفته، وكأنها أمور مفروغ منها، ولكنها أصبحت من المسائل في النظرية الحديثة؛ منها على سبيل المثال: أ – التقدير والاجتهاد: قد يرى الاجتهاد على أنه حرية التصرف باستخدام السلطة التقديرية التي يتمتع بها القائم على القضاء للحكم حسب استنباطه، دون الأخذ في الحسبان تأثير الآخرين وإدراكه في التطبيق العملي للأحكام والقانون، وهذا كما هو واضح من أهم مصادر الإبهام وعدم قابلية التنبؤ أو ضعف صدق التوقع لمآل التقاضي لو ترك على عواهنه بصفته حرية شخصية دون اعتبار مصادر التأثير على عملية التقاضي وحساب تأثيرها في تقويم أداء القاضي، والنظرية الجديدة التي عرضت في أثناء هذا العلم ترفض هذا التصور وتنظر إلى المؤثرات على عملية التقاضي على أنها أمور قابلة للقياس والتقدير؛ لذا فالمؤثرات مجرد مرحلة عارضة لا بد من استبعاد أثرها وأن النتائج الصادرة عن عملية التقاضي ظاهرة قابلة للتنبؤ والتوقع في ضوء معطيات ومنطلق النظرية الجديدة ، وقابلة لأن تستخدم في تقويم أداء القاضي. ب- التفرقة: المقصود من التفرقة الانحياز الذي يحدث خللا في وحدة التقاضي، أو في تطبيق القانون والخروج عن مفاده ومقصوده، الأمر الذي يعد شائعا في معظم الأنظمة والممارسات القضائية وعلى مستوى العالم، ولكن النظرية التي سبق ذكرها لا تأخذ ذلك كأمر مفروغ منه لا يمكن عمل شيء إزاءه، وإنما تنظر له كظاهرة عادية قابلة للدراسة والتجزئة إلى مكوناتها الميدانية الواقعية؛ لذا فهي مسألة قابلة للدراسة والعلاج . ج- الفرد الرشيد: هذا فرد افتراضي أي صورة مثالية للقاضي، وبخصوصيات مثالية افتراضية لا توجد إلا في الصورة المثالية التي يصنعها النظام أو القانون؛ لذا فهو يبني عليها كثيرا من التصورات والأحكام وكأن الرشد بصورته المثالية حالة ثابتة متى وصل إليها القاضي يسير بموجبها كل الوقت وبجميع الأحوال ولا يفقدها أبدا. والنظرية المعنية التي نحن بصددها تخالف هذا التصور القالبي؛ وتأخذ مفهوم الرشد والتكليف كمسألة نسبية تتغير وتختلف في المضمون من حالة وبيئة اجتماعية وثقافية إلى أخرى ومن شخص إلى آخر . الآثار والدلالات الأخلاقية وبصفته علما واقعيا ميدانيا فإن وظيفة علم اجتماع القانون هي أن يكتشف موضوعيا: ما هي حقيقة الواقع الممارس، فلا يمكن إدارة مرفق القضاء بكفاءة وفاعلية دون معرفة الواقع الممارس؛ لذا فعلم اجتماع القضاء أو القانون يعد من الوسائل المهمة لإدارة مرفق القضاء التي قد تكشف عن جوانب غير مرغوبة، فيظهرها ويوضحها بحيث تصبح قابلة للحل، وهذا لا بد فيه من الاعتماد على الجانب العلمي في جمع البيانات والوصول إلى المعلومات وتحليلها، ويجب معه الاحتراز الشديد من التعامل الصحافي الإعلامي مع هذه الظاهرة، وعدم البناء على ما يذكر فيها، فالصحافة والإعلام مهما كانت دقيقة وهي غير ذلك، ومهما حسنت نوايا العاملين فيها وليسوا كلهم كذلك، تعد جزءا من المشكلة لما أنها تمثل أحد أقوى وسائل التأثير السلبي على القضاء، وما هذا البحث وأمثاله إلا لحماية القضاء والقضاة من الوقوع تحت هذه المؤثرات، كما أن الاكتشاف العلمي للمؤثرات في المقابل يجب أن يتعامل مع مشكلات القضاء ودلالاتها الأخلاقية، ودون اعتناء لما تعكسه تلك الاكتشافات عن واقع المجتمع وما يوجد فيه من التناقضات أو ما تعنيه تلك الاكتشافات، وما تدل عليه. ومن الأمثلة على ذلك واقع الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث المساواة أمام القانون دون اعتبار للدين والعرق والانتماءات الاجتماعية تعد من أهم القيم الأساسية، إلا أنها تتعارض جذريا مع الواقع الممارس للقانون، والحقيقة أن واقع المجتمع الأمريكي المعاصر أشبه بالمجتمع الروماني القديم، حيث كانت التفرقة على أساس الجنس والثروة والعرق أمرا مشروعا مقبولا ومسلما به، فالواقع مختلف عن الصورة المثالية للقانون في المجتمع الأمريكي كما يصورها دستورها الاتحادي (الفيدرالي) المعروف الذي ينادي بمساواة الجميع أمام القانون. وغني عن القول: إن هذا التناقض ليس خاصا بمجتمع دون غيره، فجميع المجتمعات على اختلاف ألوانها وأديانها وبيئاتها لديها النصيب الوافر من هذه التناقضات، بل إن المجتمع الذي يكون تصوره للمثالي أقرب للكمال أو تكون الصورة المثالية لما يجب أن يكون عليه الأمر مفصلة بوضوح كما هو الحال عند من يحتكم لشرع الله، كلما كانت الفرصة متاحة لوجود تناقضات أكبر على أرض الواقع، فكلما زاد تنظيم الدين لجميع مفردات الحياة، زاد احتمال أن يقع المكلف في المخالفة؛ لذا نجد أن سنة الله عز وجل تقتضي أن يقع المسلم في المعصية فيستغفر ثم يتوب، وأن هذه الخاصية هي أقرب ما يكون الواقع إلى ما يجب أن يكون عليه حسب الصورة المثالية: عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم» ، والمهم في هذا المجال هو الإشارة إلى الدور الذي يمكن أن يؤديه علم اجتماع القانون، وذلك بدراسة الحالات المختلفة للفجوة المشار إليها ورصد تفاصيل مجالاتها وأسبابها والنتائج المترتبة عليها بصرف النظر عن دلالاتها الأخلاقية والسياسية، فهو بمثابة الأداة التي توصل إلى علم الواقع قبل إصدار حكم قيمي عليه. الثالث: الآثار العملية يمثل علم اجتماع القانون أداة مفيدة ووسيلة مؤثرة للذين يهدفون إلى إصلاح الأنظمة القضائية أو التصرف فيها، وعلى العكس من السابق حيث كان الداعون إلى إصلاح الأنظمة القضائية وحتى المناضلون من أجلها، ينظرون إلى الواقع من خلال بروج عاجية بعيدة عن عالم التجربة، فيجعلون -على سبيل المثال- عدم التقنين الملزم هو السبب الوحيد لاختلاف القضاة في الحكم على القضايا المتشابهة، وفاتهم أن الاختلاف موجود تاريخيا مع وجود التقنين، ومصاحب له، ويزيد بزيادته، ولأجل ذلك فإن علم اجتماع القانون -كما سبق عرضه- يأتي كسلاح لطيف في يد دعاة الحقوق المدنية والإصلاحات، وكل من أراد أن يبني إصلاحه على الواقع المعاش والحقائق الثابتة، وليست القضايا المثالية التي ربما لا يكون لها صور واقعية؛ لذا فعلم اجتماع القانون يمثل أداة مفيدة ووسيلة مؤثرة لإصلاح الأنظمة القضائية، وتقويم النظر القضائي، وهذه الأداة على عكس ما كان عليه الأمر في السابق في علم اجتماع القانون، حيث كان دعاة الإصلاح ينادون بأفكار جيدة الصياغة ولكن غير قابلة للتطبيق لعدم وجود أدوات وإجراءات تطبيقية عملية، بينما علم اجتماع القانون في مرحلته الحالية يأتي بأدوات تضبط وتقيس جانبي الممارسة والتطبيق. وتتميز هذه الأدوات بأنها لا تتطلب تدخلا في عمل القاضي، فجميع المعلومات التي يتطلبها تقويم أداء القاضي والنظر القضائي يمكن إدخالها في إجراءات التقاضي، بحيث ترصد وتجمع ثم تعالج دون سؤال القاضي أو معاونيه أو مراقبتهم من قبل مفتشين قضائيين؛ لذا فالفوائد العملية تحصل دون أن تتطلب رضا العاملين أو المتعاملين مع القضاء لما أن العملية بكاملها تتم بتلقائية وعفوية لا يشعر معها المراقب بالرقابة مما يتيح له كامل المجال في التركيز على العمل المناط به والتفرغ له. وعلى العكس من استنتاجات علم اجتماع المعرفة -على سبيل المثال- حيث تحقيق الفوائد العملية يعتمد على قبول الأطراف المعنية لتلك النتائج، فإن استنتاجات علم اجتماع القانون والتناقض البارز بين المثالي المجمع عليه والواقع الحالي الذي يماط اللثام عنه لا يترك مجالا أمام أحد ويواجه الجميع بالحقائق المرة التي قد تخل بسلامة المجتمع المدني؛ على أقل تقدير. ومن المجالات العملية التي تعطي المواجهة المذكورة دورا ملحوظا وعلى سبيل المثال، أعمال المحاكم اليومية ، من أولى وأخص خطواتها وقراراتها مثل طريقة تسليم القضايا إلى القضاة وإحالتها إليهم، وطريقة النظر القضائي، وطريقة اختيار التعامل مع المحامين، وغير ذلك كثير، جميعها تقابل الطريقة المثالية في المواجهة. الرؤى المستقبلية وبالإضافة إلى كل هذا فإن ثمة قضايا حول الرؤى المستقبلية والإصلاحات القضائية بعيدة المدى التي تجد في علم الاجتماع خير سلاح له وأنفعه وأكفأه . وتفصيلا لما قيل، يقترح (بلاك) عددا من الخطوات يعتقد أنها مفيدة لضمان سلامة عملية التقاضي وهي: أ – إنشاء جهاز - مثل مركز أبحاث أو إدارة مراقبة - يصمم خصيصا ليساعد كل عامل يعاني من الآثار السلبية للعملية الاجتماعية في المؤسسة القضائية. ب- تقليل المعلومات الاجتماعية الداخلة في العملية القضائية أو الموجودة فيها، والتي ليست جزءا من التقاضي، ولها أثر سلبي عليه. ج- التعرف على الأسباب والضغوط الاجتماعية الدافعة للحيف في القضاء، ومن ثم رفعها أو تقليل أثرها قدر الإمكان. د- التقليل من استخدام القانون والنظام كوسيلة اجتماعية للضبط الاجتماعي، وتشجيع الوسائل الاجتماعية الأخرى. فهو يشير إلى أن التطرف في الاعتماد على القوانين في الضبط الاجتماعي، ومن مؤسساته القضاء الذي تستخدم فيه القوانين بكثرة سيزيد الطين بلة، فالقوانين لن تطبق نفسها وسيطبقها بشر يعتريهم ما يعتري غيرهم من النقص، وجميع ذلك سيتيح فرصة أكبر للتأثير على العملية القضائية، فكلما كثر الاعتماد على القوانين، وجد الناس فرصة لإدخال شخصياتهم وثقافتهم ومصالحهم في تطبيقها، وأدى ذلك إلى نتائج سلبية. وفي هذه التوصيات دعوى وتنبيه إلى ضرورة عدم الزيادة عن الحد أو التطرف في استخدام التظلم القضائي والغلو فيه، بحيث يصبح إحدى وسائل الإضرار، ويكون على حساب التظلم الولائي الذي يجب أن يتاح على أوسع نطاق، بحيث لا يلجأ إلى التظلم القضائي إلا المضطر له. ففي ذلك تخفيف على الناس وتسريع لرفع النزاع وتقليل لتكلفته، حيث ينادي بالتقليل من استخدام القانون كوسيلة للضبط الاجتماعي، مع ذلك فالباحث لا يزال يعتقد أن القانون من أفضل الوسائل للضبط الاجتماعي ولكن بالدرجة الثانية بحيث لا يأتي ضبط المجتمع بالقوانين إلا عندما يقل تدين الناس و تفشل العادات والأعراف المجتمعية في ضبط سلوك أفراد المجتمع، عندها يزع الله بالسلطان ما لا يزع بالقرآن وهذا قد يكون محل اتفاق بين علماء القانون وعلماء الاجتماع والاختلاف فقط في كمية الأنظمة المستخدمة من جهة وفي طبيعة الأنظمة المستخدمة من الجهة الأخرى، فالأصل لضمان أعلى درجة من الحريات المشروعة التي ليس فيها ما يخالف شرع الله هو ألا تقيد، لأجل ذلك فلا اختلاف في مبدأ استخدام الأنظمة للضبط الاجتماعي وهي محل اتفاق. يجدر التنويه إلى أن الجهات المختصة قد بدأت بالفعل تطبيق هذه التوصيات فعلى سبيل المثال في العام 1428 ه جاء في خطة تطوير المعهد العالي للقضاء الآتي: استحداث وكالة القياس والتقويم والاعتماد الأكاديمي تكون من مهماتها: 1- إجراء دراسات مسحية سنوية تدرس وضع القضاء والقضاة والتقاضي. 2- قياس الرضا الوظيفي؛ وتلمس جميع أوجه النقص، وطرح ما يتوصل إليه من نتائج ورفعه إلى جهات الاختصاص لدراسته والبت فيما يحتاج إلى ذلك. 3- تصميم الدورات بالتنسيق مع الجهات ذات الاختصاص، وتحديد الهدف من كل دورة، وقياس مدى فاعليتها. 4- تصميم اختبارات الملاءمة المهنية والوظيفية واختبارات التأهيل للمرشحين للالتحاق بسلك القضاء وإجراؤها بالتنسيق مع الجهات ذات الاختصاص. 5- استيفاء الجوانب النظامية، وأخذ الموافقات اللازمة فيما يستدعي موافقات نظامية وإدارية للبرامج التي يعقدها المعهد، ومتابعة ذلك. 6- تصميم برامج المعادلة، والاعتماد الأكاديمي لبرامج المعهد العلمية والمهنية. ومنذ تدشين مشروع الخطة الاستراتيجية لتطوير مرفق القضاء (العام: 1430ه) إلى الوقت الحالي والعمل جار في كلا محوري الموارد البشرية والثقافة العدلية على تعزيز التطوير المهاري والنمو المهني ومتطلبات الثقافة العدلية لدى منسوبي القضاء، وبخاصة المتعلقة بأخلاقيات المهنة ورفع مستوى الوعي المجتمعي وتعزيز الصورة الذهنية، وجميع ذلك قوامه النظام الاجتماعي للتقاضي وليس الأنظمة أو التعليمات أو الإجراءات الإدارية. وفي العام 1430ه عقد المجلس الأعلى للقضاء ورشة عمل تتعلق بمعايير اختيار القضاة والملتقى الأول لتأهيل القضاة والتي كانت أحد محاور النقاش الجوانب الاجتماعية المؤثرة في عملية التقاضي واعتماد الإدارة الإستراتيجية والتدريب العالي وتحسين المدخلات، لتحسين كفاءة وفاعلية القضاة والقضاء كأسلوب حديث في إدارة مرفق القضاء بالمقارنة مع الأسلوب السابق الذي يعتمد على الأنظمة والتعليمات في إدارة مرفق القضاء. وجاء في القرار الإداري للمجلس الأعلى للقضاء رقم: (10456/30) وتاريخ: 28/11/1430ه، بناء على توصيات ورشة العمل التي عقدت حول معايير اختيار القضاة وترشيحهم المتضمنة إعداد معايير للاعتماد الوظيفي القضائي، تأليف لجنة في المجلس الأعلى للقضاء لإعداد معايير للاعتماد الوظيفي القضائي، على أن تقدم اللجنة توصياتها خلال مدة أقصاها ستة أشهر من تاريخه، وجعلت لها الاستعانة بمن تراه من الخبراء والمختصين في مجال التخصص، ولها عقد ما يتطلبه إعداد المعايير من ورش عمل وحلقات نقاش. وحاصل الأمر أن الواقع المعاش مع جميع متغيراته السريعة يظهر بوضوح محاولات التأثير على القضاة من جهة عبر عمليات الغرس الثقافي في الإعلام المرئي الذي يحاول تعويد العامة على سماع رأي معين عن القضاء، ومن الجهة الأخرى عبر عمليات ترتيب الأولويات التي يمارسها الإعلام المكتوب الذي يوفر معلومات كثيرة وغير دقيقة لخدمة صورة ذهنية معينة عن القضاء ويرى المراقبون أن البحث ذو طابع اجتماعي قانوني في مجلة شرعية محكمة «مجلة العلوم الشرعية جامعة الإمام 1431ه» سابقة لم تحدث من قبل، ما ذهب بالرأي إلى مثل هذا النوع من الطرح يقرب بين العلماء الشرعيين وعلماء الاجتماع، خصوصا عندما يتعلق الأمر بموضوع مهم كالقضاء. واسترعى البحث اهتمام اختصاصيين وباحثين في الجمعية السعودية لعلم الاجتماع لأهمية السبق والإنجاز الذي تحقق. * أستاذ السياسة الشرعية في المعهد العالي للقضاء