من المحزن حقا أن نصل إلى ما وصلنا من تطور علمي أكاديمي كما وكيفا، كما من حيث عدد الجامعات والأساتذة المتخصصين، وكيفا من حيث الإدراك المعرفي والنهج التعليمي، ومع هذا كله نسمح برواج أساليب الاستغفال بمنح الألقاب الرنانة والمتاجرة في السير الذاتية عن طريق شركات بيع الألقاب التي تجد سوقا رائجة لدينا، وكأننا لا نملك القدرة على تمييز الغث من السمين مع أننا الأسمن أكاديميا والأفضل كما ونوعا من حيث عدد الجامعات وعدد المتخصصين. صحيح أن لدينا مستهلكا للألقاب وقدرة شرائية وطلبا متزايدا على معوضات النقص و (مكياج) السير الذاتية، وأن مثل هذه المحسنات غير الطبيعية وغير الحقيقية تؤتي أكلها وتنجح أحيانا في إقناع من لا يدركون حقيقتها ويجهلون الفرق بين الشهادات لأنهم لا يملكونها، لكن من غير المقبول أن لا تتدخل الجامعات وتوضح حقيقة تجارة الألقاب الرخيصة التي تمنح لمن هب ودب طالما أنه دفع رسما محددا بخسا كان أو جزلا، ومن غير المعقول أن لا ينبري الأكاديميون ويفندون حقيقة تلك الألقاب والطبيعة التجارية البحتة للمؤسسات التي تمنحها. كل من يملك 150 دولارا يمكنه أن يكون ضمن قائمة (هو إز هو) حتى ولو لم يملك سجلا دراسيا في الجامعة، فكيف نقبل بأن يصبح بلوغ هذه القائمة لدينا سببا في نشر الأخبار وتبادل التهاني وكأن من انضم إليها حقق ما لم يحققه الأسلاف من نجاح علمي (أليس هذا مدعاة للاستخفاف بالمجتمع بأكمله؟!). نفس الشيء يقال عن الانضمام لقوائم وهمية علمية أو طبية أو هندسية، أصبحت تتخذ أسماء رنانة دون أي متطلبات غير الرسوم، وأصبحت مصدر تفاخر، يتفاخر بها من لا فخر له، وله أن يفعل ما يشاء، لكن دون أن نتجاوب معه إعلاميا. شهادات الاعتماد وشهادات التصنيف وشهادات القياس ذات الطابع التجاري كلها أصبحت أقل شأنا من الحصول على علامة الجودة التي تمنح للمصانع المحلية، ومع ذلك نحن نتناول علامة الجودة بالسخرية وشهادة الاعتماد بالمفاخرة. الترويج الإعلامي لشهادات السير الذاتية تلك بنشر أخبار من اشتروها وكأنهم حققوا إنجازا أو شهادات الاعتماد مدفوعة الثمن وكأنها شهادة محايد لا يعني بيع الوهم فقط بل يشكك في درجة وعي المجتمع بأكمله. www.alehaidib.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 262 مسافة ثم الرسالة