يشاهد زوار جدة الليلة في صالة أتيليه جدة للفنون الجميلة تجارب متميزة لأعضاء مجموعة «عبق» التشكيلية تتناول البيئة بمعطياتها وأرثها الثقافي والإنساني عبر مناهج تشكيلية تجريدية وواقعية يعلنون من خلالها رفضهم المدنية الحديثة على حساب التفريط في العمارة التاريخية والإرث الثقافي الإنساني المتجذر في التاريخ. أعضاء المجموعة «سعيد العلاوي، الدكتورة إيمان المنتصر، ليلى الزين ظاهر، وفائز أبو هريس»، يقدمون في معرضهم «ضجيج الذاكرة» تجربتين من خارج المجموعة، إحداهما للفنان صالح النقيدان، والأخرى لمها الحجيلي، حيث تبرز التجربة الأولى بيئة القصيم وأرثها الثقافي عبر لوحات النقيدان الذي وظف في عدد من لوحاته موهبته الشعرية في تقديم الشاعر الفنان الحزين على أرث القصيم والمعالم التاريخية لهذه المنطقة المتجذرة في التاريخ، فيما تقدم المجموعة مها للناظر كتجربة تشكيلية تجريدية متكاملة لأول مرة عبر 15 لوحة تتناول فيها ببكائية أرث العاصمة المقدسة الثقافي وتراثها وجبالها وأزقتها وحاراتها القديمة، في توافقية مع ما تقدمه الدكتورة إيمان التي تقدم صورة أخرى من البيئة المكية القديمة. المعرض الذي يفتتحه الفنان طه صبان، يعد صرخة أو صرخات تشكيلية للفنانين المشاركين عبروا عنها ب «الضجيج» تعبيرا عن حزنهم على اندثار البيئة الطبيعية الأثرية والإرث الثقافي والإنساني بفعل المدنية الحديثة، كما يصورها رئيس المجموعة الفنان سعيد العلاوي في أعماله الواقعية عن المنطقة التاريخية في جدة التي يرصد من خلالها فنون العمارة والإرث الثقافي والإنساني في هذه المنازل من رواشين وأبواب اندثرت بعضها حرقا وهدما بفعل المدنية الحديثة، في تشابكية معقدة الحل تتضح رمزا في الخيوط والخرز المكاوي القديم في لوحات الدكتورة إيمان المنتصر. صرخة الفنانين من أجل الحفاظ على الإرث الثقافي الإنساني والمعماري، اختاروا أن يطلقوها من جدة التي تعد من المدن التي يتلاشى فيها هذا الإرث سريعا أمام المدنية الحديثة، فالفنانة اللبنانية ليلى الزين ظاهر تبرز أثر المدنية الحديثة على المواقع التراثية والمعمار القديم في لبنان والإمارات، بينما الفنان فائز أبو هريس اختار لصرخته اللونين الأبيض والأسود تعبيرا عن حزنه على أرث القصيموجدة القديمة.