في حضور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، دعا إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد أمس في خطبة العيد، العالم إلى بناء علاقات أوثق وروابط أعمق من التفاهم والاحترام المتبادل والتعاون بين الشعوب، مؤكد أن الدين الإسلامي دين الوسطية والاعتدال. وأكد أن الإسلام حق بذاته هو رسالة الحق والهدى لم يزل ولن يزال أقوى قوة دافعة عرفها البشر رغم كل ما يبدو من ضعف في المسلمين ومظاهر تخلف وتفكك، مشيرا إلى أن الإسلام دين الله الخاتم باق محفوظ أنزله الله وأكمله ورضيه وأتم به النعمة إلى قيام الساعة لتتبعه البشرية في كل زمان ومكان غير محدد بفترة ولا محصور في بقعة، تحقيقا لقول الله تعالى «إن الدين عند الله الإسلام». وشدد ابن حميد على أن القرآن الكريم ليس أثرا تاريخيا أو وثيقة نادرة أو مخطوطة في رفوف المتاحف أو خزائن المكتبات الخاصة، مستشهدا بقول الله تعالى «إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه»، و«إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون»، و «كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليذكر أولو الألباب». وقال ابن حميد في السياق ذاته، إنه مع يقيننا القاطع الجازم الذي لا يخالطه شك أو ريب أن كتابنا يحفظه لنا ربنا عز شأنه إلى قيام الساعة وأنه كتاب هداية وتشريع وآداب وأخلاق وأحكام محفوظ، كذلك تأثيره في قارئيه ومستمعيه، غير أننا نستنكر ما نادى به قس من قساوسة النصارى من عزمه وإصراره على حرق مئات النسخ من المصاحف، ومع تقديرنا كذلك لكل الأصوات التي نددت بذلك من جميع الديانات وإدانة هذا التصرف العنصري الاستفزازي المتعصب المتطرف والعدائي للإسلام والمسلمين في دينهم ونبيهم وكتابهم، فإنها مناسبة لنا نحن أهل الإسلام ونحن نبتهج بعيدنا عيد الفطر المبارك أن نؤكد ما نعتقده في ديننا وتربت عليه أجيالنا المسلمة في الماضي وتتربى عليه في الحاضر والمستقبل من إيماننا برسل الله جميعا عليهم الصلاة والسلام. مبينا أن مكة بوصفها عاصمة الإسلام والمسلمين انطلق منها مؤتمر حوار أتباع الأديان والحضارات والثقافات ليمد الجسور للحوار والتفاهم والتعايش السلمي وينبذ الإرهاب بكل أشكاله والتعصب بجميع ألوانه والحقد بكل صوره، وقال «إن الدعوة إلى حرق نسخ من كتابنا الكريم المقدس هي صورة من صور الإرهاب والتشجيع عليه وتهيئة أجوائه، ومن العار أن يعد هذا من الحرية أو حرية التعبير، بل هو اعتداء على الإسلام وأهله في حريتهم الدينية وهو إساءة واضحة فاضحة لديننا ومقدساتنا وشعائرنا ومشاعر أمتنا»، مستطردا أن الدين الإسلامي رفع الظلم عن جميع أهل الديانات المنزلة ورد الباطل بالأساليب المشروعة مؤكدين نحن المسلمين في مثل هذه الأجواء المتعصبة والدعوات الاستفزازية التزامنا بتعاليم ديننا وأخلاق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن من التصرف بحكمة وأناة وحلم وتعقل، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.