تليفزيون المملكة كان سببا في اتجاه القارئ شيخ الشاطري لحفظ القرآن، فكان يشاهد برنامج «في رحاب القرآن»، الذي كان يستقبل الحفظة في مبنى التليفزيون ليقدمهم للمشاهدين، جال بخاطره أن يكون مثلهم، فالتحق بإحدى الحلقات القرآنية فكانت البداية له للاتجاه لحفظ كتاب الله الكريم بإتقان، حتى أصبح واحدا من مشاهير القراء في العالم العربي بصوته الشجي المؤثر. يعيد الشاطري الفضل بعد الله تعالى لحفظ القرآن إلى مشايخه الذين تعلم على أيديهم القراءة والحفظ والتلاوة «أخذت القرآن على يد مجموعة من المشايخ الفضلاء، منهم الشيخ هاشم باصرة والدكتور علي بادحدح، وبعض الإخوة الفضلاء الذين كان لهم دور كبير في هذا الأمر، وفي حسن توجيهي للاهتمام بالحفظ والمراجعة». ولعل الرفقة الصالحة في حياة الشاطري كانت له عونا في الاتجاه إلى حفظ كتاب الله «الحمد لله أن الله قد أحاطني بمجموعة من الأخيار والصالحين، الذين كان لهم دور كبير في تربيتي وحسن توجيهي، وكانوا بحق إخوة صالحين متى ما احتجتهم وجدتهم في السراء والضراء، وبعضهم قد اختاره الله لجواره وغادر هذه الدنيا بعد أن ترك بصمة فيها علي وعلى غيري ممن خالطهم وعاش معهم، وهكذا هو المؤمن أينما حل نفع وأينما وضع كان مشعلا للهداية والصلاح والخير، فهو كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم مثل النخلة الطيبة أينما غرست نفعت وفاضت بالخير لكل من قصدها ويمم شطرها، ومن الإخوة من هو موجود يواصل طريق الخير وإيصال الهدى للناس، ونسأل الله لنا ولهم الثبات والتوفيق والسداد وأن يجزيهم عنا خير الجزاء»، ويؤكد أيضا أن «الإنسان ضعيف بنفسه قوي بإخوانه، ولا أدل على تأكيد هذا المعنى أن الله جل جلاله أمر خير البشر محمدا صلى الله عليه وسلم بقوله في سورة الكهف: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا)، أي احبس نفسك مع هؤلاء الذين عمروا أوقاتهم بطاعة الله وامتثال أمره واجتناب نهيه، وقد عمروا قلوبهم قبل ذلك بالإخلاص لله والتوجه إليه في كل أمر من أمورهم وعدم الالتفات إلى غيرهم». لم يكتف الشاطري بالحفظ فحسب بل حصل على الإجازة في رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية على يد المقرئ الدكتور أيمن سويد «الإجازة لها أهمية، كونها توصلك إلى القراءة الصحيحة التي نزل بها القرآن الكريم من لدن رب العزة والجلال، ونقلها جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم مازال كل جيل ينقلها للجيل الذي يأتي بعده كما سمعها من غير زيادة ولا نقصان ولا تحريف، وبحصولك على الإجازة من شيخ متقن تكون كأنك تقرأ كما كان يقرأ رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، وذلك شرف يسعى كل عاقل لتحصيله ونيله». ولمعرفته أن القرآن أشد تلفتا من الإبل في علقلها، فإن الشاطري يراجع القرآن في وقت وحين، بعد الفجر، في سيارته، كما أنه يحرص على ورد ثابت يراجع فيه القرآن يوميا «لقد كان من فضل الله علي، أن أخذ بي إلى طريق القرآن، فهو والله الطريق الصحيح الموصل إلى الله، ونسأل الله أن يجعل أعمالنا وأقوالنا خالصة لوجهه الكريم، وألا يفتنا بالناس، ولا بما يقولون، وأن يجعل مقصدنا هو وحده سبحانه وتعالى». ويعتبر الشاطري أن الإمامة والخطابة ميدان عظيم من ميادين الدعوة إلى الله، ويرى أنه يحتاج إلى صبر عظيم، وسعة في الصدر، ورحمة بالناس «لأن الإمام سيتعرض لجميع شرائح المجتمع، فمنهم الحليم، ومنهم الغضوب، ومنهم غير ذلك، فكلما حرص الإمام على كسب قلوب المصلين واستمالتهم للخير فإنه إن شاء الله سيجد خيرا كثيرا، وليتذكر أنه يخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المكان». ويدرك الشاطري أن الفصاحة والبلاغة في الخطابة، والقدرة على إيصال المعلومة بالأسلوب المناسب منحة ربانية، وعطية إلهية، ونعمة عظيمة «ينبغي لمن رزقه الله هذا الأمر أن يحمد الله عليه، وينسب الفضل لصاحب الفضل، فهو يقول جل في علاه: (وما بكم من نعمة فمن الله)، والخطيب المتميز في نظري هو الذي هدفه بيان الحق للناس، من خلال الكلمة الهادفة الهادئة الصادقة، وعليه أن يتناول ما ينفع الناس في دنياهم وآخرتهم، والابتعاد عن أسلوب التهييج الذي قد يعطي نتائج عكسية، وعليه الاستعانة بالله وحده، والإخلاص لأن الله يعطي الرجل على قدر ما في قلبه». ويؤكد الشاطري بصفة دائمة أن القرآن الكريم كله مؤثر إذا أقبل قارئ القرآن على كتاب الله وقد طهر قلبه من الأدران والأوساخ بكثرة الاستغفار والتوبة من الذنوب، صغيرها وكبيرها، وتنقية قلبه من الشوائب حتى يكون القلب مهيئا لكتاب الله قبل القراءة «تعود قبل أن تقرأ أن تستغفر وتستشعر ندمك على تفريطك في جنب الله، وعند ذلك ستجد حلاوة وخشوعا؛ لأنك قد هيأت نفسك لهذا الخير العميم»، موضحا «فأنت ترى أحيانا الإمام قد يقرأ الفاتحة ويتأثر ويخشع، وقد يقرأها في وقت آخر ولا يحس بذلك الأثر الذي وجده في المرة السابقة، فالقضية ليست في الفاتحة، وإنما في حالة القلب أثناء قراءة القرآن، فإذا صادفت القراءة قلبا مقبلا على الله منيبا إليه منكسرا بين يديه أثرت القراءة، واستجاب لها القلب بالخشوع، والعين بالدموع».