يبدو أنه لابد من إعادة التذكير بأن مرحلة الطفولة «منذ الولادة حتى سن 18 عاما وعند آخرين حتى سن 21 عاما» هي مرحلة التكوين الأساسي لأفراد المجتمع من جميع النواحي التربوية والنفسية والعقلية والجسمية وغيرها. ورغم أن جيل الآباء في غالبيتهم على الأقل يعرفون هذه الحقيقة البديهية والأساسية، إلا أن الممارسة الواقعية وبروز ظاهرة العنف ضد الأطفال ومنهم تشكل قلقا حقيقيا لمجتمعنا. وقد برزت هذه الظاهرة على السطح بحيث يكاد لا يمر يوم من دون سماع أحداث العنف والقتل والطعن والمشاجرات العنيفة والدامية بين الشباب الأطفال وسجون الأحداث وما تغص به من قضايا وأجساد غضة تعد مؤشرا خطيرا لنسبة انتشار «الجريمة» بين الأطفال. ورغم وجود العديد من الأسباب التي أنبتت هذه الظاهرة في مجتمعنا إلا أنه ما من شك أن العنف الأسري أو بالأحرى عنف الآباء الجسدي والنفسي ضد أبنائهم هو الجذر الأساسي لهذه الظاهرة. يقول المستشار الأسري الدكتور عبد الله الحمودي عبر إذاعة الرياض في حلقة بعنوان «العنف ضد الأطفال»: إن عنف الأهل ضد أطفالهم وإهمال تربيتهم أوجد صغارا يروجون المخدرات وهم لا يزالون في المرحلة الابتدائية وآخرين مرضى بالخوف من التحدث أمام الجمهور. وأن هناك أطفالا تعرضوا للعنف الجسدي من ضرب وحرق بالنار وكسور وسجن في الحمام وللعنف الجنسي الذي يبدأ في مراحل مبكرة. كما تحدث عن العنف النفسي الذي يعد الأكثر انتشارا في السعودية كاستخدام الكلمات السلبية والحط من الكرامة مثل الشتم والصراخ مما يولد الخوف المرضي الذي لا تظهر نتائجه إلا فيما بعد. «الحياة في 7/8/2010م». إذا العنف الممارس من قبل الآباء ضد أبنائهم يفرز نتائج وتأثيرات تطال المجتمع بأسره، فترويج المخدرات وممارسة العنف من قبل الأطفال المعنفين يمس المجتمع وبقية أفراده، وبالتالي فإن المجتمع السوي عليه أن يحمي الطفولة من هذه الممارسات العنيفة للآباء ورصد الوسائل التربوية المستخدمة في المنازل من خلال تشريعات وقوانين ووسائل تحمي الطفولة تطبيقا للاتفاقيات الدولية بهذا الخصوص. وحتى لا يكون الحديث في إطاره النظري، فإنه يجب من وجهة نظري العمل على إيجاد برنامج وطني متكامل تشارك فيه المدرسة التي هي الأخرى يجب التأكد تماما من عدم استخدامها العنف «وزارة التربية»، والمستشفى «وزارة الصحة»، والمجتمع المدني المتخصص في حماية الطفولة مرتبط بتشريعات وقوانين تحاسب وتعاقب الآباء الذين يمارسون العنف الجسدي أو النفسي أو الجنسي «تحرش الأقارب». تربية الطفل مسؤولية المجتمع ككل وليس مجرد الأسرة. ونتائج هذه التربية تنعكس بالضرورة على المجتمع كما أسلفنا. أما الأطفال الحاليون والذين في العقد الثاني من أعمارهم فسبق أن طرحت في موضوع «ارحموا شبابنا» المطالب التي يجب أن توفرها لهم «وزارة للشباب» في كل مدينة وقرية، المتمثلة في إيجاد أماكن ترفيه وتسلية ومكتبات وتشجيع المواهب الفنية والأدبية والثقافية والإبداعية لدى الشباب والقضاء على أوقات الفراغ. هناك أمر آخر يجب التطرق إليه في هذا الشأن وهو سجون الأحداث والعقوبات التي يصدرها القضاء ضد الأحداث. فيما يخص سجون الأحداث تقول الأخبار المتناثرة هنا وهناك إن هذه «الإصلاحات» إذا صحت هذه التسمية عليها، فهي في حقيقتها ونتيجة لغياب برامج تربوية ونفسية وتعليمية تعد أحد أسباب انتشار الجريمة، حيث يتعلم الحدث من خلالها وعبر اختلاطه بأنواع من السلوكيات، كل أشكال «الجريمة» وكل أنواع المخدرات والشذوذ الجنسي وغيرها الكثير، الأمر الذي يتطلب دراسة وافية لهذه «السجون» وإعادة هيكلتها بحيث تتحول إلى مكان تربوي يعيد تخليق الأطفال ويتعرف على مشكلاتهم النفسية والتربوية ويكتشف مواهبهم المدفونة ويعالج القصور على الأسس العلمية والتربوية. أما القضاء فعليه مسؤولية أخرى وأهمها تجنب عقوبة الجلد ضد الأطفال.. وللأسف الشديد لا زالت هذه العقوبات تصدر تجاه الأحداث مع أنها عقوبات تعزيرية يمكن إيجاد بدائل لها. .. فهل هناك من يحمي الطفولة وبالتالي يحمي مجتمعنا؟. هذا ما سنراه في المقبل من الأيام. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 193 مسافة ثم الرسالة