قبل بضعة أسابيع كنت في مطار الرياض أنهي إجراءات السفر إلى خارج المملكة لحضور مؤتمر علمي أشارك فيه بورقة موعدها صباح اليوم التالي لموعد سفري، وحين وقفت عند الجوازات طلب مني المسؤول تصريح السفر الخاص بي، فتذكرت ساعتها أني نسيته في البيت، حاولت إقناع الموظف بالتجاوز عن الإلحاح في الحصول على التصريح فرفض، وأسقط في يدي، فبيتي وإن كان لا يبعد كثيرا عن المطار إلا أنه لا وقت لدي للانتظار حتى يرسل إلي التصريح، الانتظار يعني فوات الرحلة علي، شعرت ساعتها بالصغار، والمهانة. ما معنى أن لا يسمح لي بالمغادرة إلا بتوقيع من (آخر) يؤكد موافقته على سفري، وهذا الآخر ليس بالضرورة أن يكون أبا وإنما قد يكون الزوج وقد يكون الأخ الأصغر وقد يكون الابن وليس هناك ما يمنع أن يكون الحفيد! فليس مهما من يكون ذلك الآخر، المهم أن يكون ذكرا، تطلق يده في تقرير مصيري! ووجدتني أبتسم في تحسر، ماذا لو كنت في مكان نورة الفايز، ولية على أمر وزارة بأكملها بكل من فيها من الموظفين الرجال والنساء، ثم آتي إلى كاونتر الجوازات في المطار فيجردني من ولايتي على نفسي! أو ماذا لو كنت في مكان الجوهرة بنت فهد، أتولى أمر جامعة بأكملها فأدير أكاديميين كبارا من الإناث والذكور، لكني أحتاج إلى من يدير أمري! او ماذا لو كنت مكان الدكتورة خولة الكريع، يقلدني خادم الحرمين بيده وساما وطنيا رفيعا تقديرا على كفاءتي ورجاحة ذهني، ثم يأتي موظف الجوازات ليقول لي: إني لست كفؤا لاتخاذ قرار سفري دون إذن رجل! صور كثيرة مرت في ذهني لنساء كبيرات، رأيتهن يقفن أمام جوازات المطار في صغر نملة! لماذا؟ لماذا يفعل بنا ذلك؟ ما الذي يجعل النظام يقيد سفر النساء بموافقة خطية من أقرب رجل إليهن، يعطي له مسمى (ولي الأمر) في إنكار صريح لحق المرأة في أن تلي أمر نفسها؟ إن كثيرا من الفقهاء يقرون بأن ولاية الرجل على المرأة غير مطلوبة إلا في عقد النكاح فقط، فلم الإصرار على هذا النظام للنساء بجعل المرأة غير ذات قرار في أمر نفسها، أيا كانت مكانتها العلمية والوظيفية، وأيا كان سنها. ولأن هذا النظام المفروض على النساء، لا صلة له بالدين وما يجوز شرعا وما لا يجوز، فمن المعروف أن ما هو مطلوب شرعا هو مرافقة محرم للمسافرة لا مجرد إذنه لها بالسفر، فإني لم أجد لهذا النظام تفسيرا سوى الحرص على توفير الطمأنينة للرجال، بأن يضمن لهم أن لا امرأة تسافر دون رضاهم، أي أنه يقدم خدمة خاصة للرجال وليس خدمة عامة للمجتمع. فحتى على افتراض أن المرأة سافرت دون رغبة الزوج أو الأخ أو غيره ممن يعد (وليا لأمرها)، هل من مسؤولية النظام التدخل لضمان إخضاع المرأة لرغبته؟ وما الذي يجعل النظام يفترض أن الرجل دائما على صواب في رفضه سفر المرأة؟ أليس من الجائز أنه يرفض سفرها بغرض مضايقتها أو ابتزازها أو لأن سفرها يضيع عليه مصلحة خاصة به أو غير ذلك من الأسباب الأخرى غير العادلة؟ فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة