بهدوء سيمضي خبر انتحار فتاة من جيزان قبل يومين، تماما مثلما مضت بنا أخبار انتحار قريناتها في ذات المنطقة خلال الخمسة أعوام الماضية. الانتحار هناك ليس سوى سبق صحافي يأخذه المراسل سريعا سريعا إلى صحيفته قبل أن يسبقه زميله، فتنشره صحيفته في الزاوية اليسرى من أسفل الصفحة. هو مجرد تقرير طبي يحدد سبب الوفاة مرفق بإذن الدفن، وهو تصريح للمتحدث الرسمي باسم الشرطة يعلن مباشرة الحادث والبدء في التحقيقات وانتهائها. هو مبرر للطبيب النفسي ليشرح نظرياته النفسية ويعلق (كل) السبب بالاكتئاب دون أن يسأل كيف صارت مكتئبة ولماذا؟ مثلما هو مبرر لمجتمعها ليناقش كل الفرضيات وينسى السبب الذي انتحرت هربا منه: وهو ظلمه لها. لم أقرأ قصصا عن حالات انتحار مشبعة بالألم والأسف في كل أطراف المملكة، تشابه ما قرأته عن تلك التي تشهدها محافظات وقرى جيزان، حيث الموت بالشنق والحرق والسم يبدأ بهدوء وينتهي بصمت، ويتواصل مسلسله بذات الوتيرة وبذات الصمت طوال العام.. طوال العقد. هو باختصار.. موت أجساد في حضرة أحاسيس ميتة. ومع حالات الانتحار تلك، والتي يقول مختص في الطب النفسي يتابعها عن قرب في جيزان إنها ثلث الخفي غير المعلن، فإن أحدا ممن يعرف أنه مسؤول عنهن لا ينوي حتى مجرد النية أن يتحرك ليسأل عن الأسباب وعن دوافعها وعن رسالة المنتحرة التي أرادت إيصالها، وإن بادر أحد ليبحث سرعان ما يستسلم لاحقا لمن يطلب لملمة الموضوع، دفعا لكلام الناس وعار الفضيحة، أتدرون من هو الغائب الذي لا يسمع له صوت أو حس في حضرة تلك (الظاهرة)؟! هي وزارة الشؤون الاجتماعية التي تقول دائما إن لديها إدارة عامة للحماية توجد على أرض الواقع تهتم بحماية المرأة من الإيذاء النفسي والجسدي والجنسي وتمنعهن من أن يسلكن طريق الانتحار في مواجهة تلك الظروف، ولكن الحقيقة تقول إن البنت تنتحر وتلحق بها العشرات و(إدارة الحماية) لا تعرف أين هي تحديدا على خارطة المجتمع، بل لا تعرف أصلا كيف ترد على فتاة تستنجد بها. افتحوا محاضر الانتحار فثمة مصائب تطلب العلاج.. وثمة نذير لشيء قادم قريب. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة