تشتهر محافظة الطائف بأسواقها القديمة التي ترجع تاريخ بعضها إلى أكثر من 400 عام، كسوق الهجلة والخميس وسويقة. تعد تلك الأسواق مراكز ثقافيةُ واجتماعية وأسرية، يتناول روادها الأحاديث الاجتماعية والاستفسار عن بعض الأسر والتحدث عن نزول الأمطار التي كانت تهطل عليها طوال فصول العام. ويعرض الباعة في سوق الهجلة الحبوب والشعير والدخن والذرة والسمن والعسل والمضير الإقط، إذ قديما كان الجميع يتجهون بما كانوا يحملونه على ظهور الجمال إلى سور الطائف الذي كان يحيط بها، وذلك من بعد صلاة الفجر، حيث تفتح أبواب السور الثلاثة وهي باب العباس وباب الحزم وباب الريع، ومن ثم يدلفون إلى السوق الذي يقع شرق مسجد برحة الهادي وسط سوق مدينة الطائف المركزي ليبدأ المزاد «الحراج» على ما يجلبونه من بضائع. فيما كانت المقايضة أو النقد وسيلة البيع والشراء في أغلب الأحيان، مثل شراء الملابس والأحذية ووسائل الإنارة المسرجة والفوانيس «الأتاريك» وغيرها من الاحتياجات. وتبرز سمة التواصل الاجتماعي في أسواق الطائف بين مرتاديها، عن طريق الحديث حول أخبار الأفراح والوفاة والتهاني بالأعياد ودخول رمضان والحج قبل المذياع، فمثلا في أفراح الزواج كان يؤتى بورقة مدون عليها أسماء المدعوين من الأقارب والجيران، ليتم إبلاغهم عن طريق أحد الأقارب وهم مجتمعون في السوق لحضور الفرح الذي كان يقام في النهار عادة ولا زالت هذه الأسواق التاريخية قائمة إلى الوقت الحالي، وشاهد عيان على ما كان يمارس فيها من مناشط تجارية في الماضي وتجسيدا لحياة الآباء والأجداد في تواصلهم ومعيشتهم، حيث تجلب يوم الخميس من كل أسبوع البضائع «الأرزاق» إلى هذه الأسواق ليتم المزاد عليها «الحراج» وسط حضور ممن يقبلون على شراء هذه البضائع والمنتوجات. وسعت الهيئة العامة للسياحة والآثار ووزارة الشؤون البلدية والقروية من خلال مذكرة التفاهم الموقعة بينهما إلى البدء في تنفيذ مشروع تطوير المنطقة التاريخية في وسط محافظة الطائف، حيث وضع صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكةالمكرمة، في شهر جمادى الأولى الماضي من العام الجاري 1431ه، حجر الأساس لهذا المشروع الذي يهدف إلى تطوير الوسط التاريخي للمحافظة، مع الاهتمام بالنشاطات الحالية للسوق وما يحويه من تراث عمراني وثقافي واجتماعي وتطوير السوق كوجهة اقتصادية وسياحية، وذلك برفع كفاءة التخطيط وتصميم الواجهات والساحات والممرات وتنسيق حركة المشاة والمركبات بصورة تلائم أهمية السوق كموقع له خاصية الاستدامة، آخذا بعين الاعتبار الأبعاد التراثية والتاريخية والثقافية، بالإضافة إلى إنعاش الحركة التجارية للسوق. وتم إعداد مخطط عمراني من خلال وضع البدائل الملائمة لتأهيل وتفعيل السوق، وتطوير وتحسين بيئة السوق الحالية ومعالجة التلوث البصري والسمعي والبيئي وتحسين الممرات وخطوط شبكات المرافق ، والربط الفراغي والحركي للسوق مع المنطقة المحيطة مع دعم الجانب السياحي والترفيهي في السوق الشعبي، بما يعود بالفائدة على المستثمرين والزوار علاوة على إبراز الهوية العمرانية المميزة للأسواق القديمة.