يعيش "الفتى الذهبي" للكرة الألمانية توماس مولمر مشاعر متفاوتة بين الاغتباط بعد أن لعب دورا أساسيا في قيادة "المانشافت" إلى الدور نصف النهائي لكأس العالم للمرة الثانية في تاريخه، وبين حسرة غيابه عن الموقعة المرتقبة مع إسبانيا بطلة أوروبا الأربعاء المقبل في دوربن. كان مولر من اللاعبين الذين لعبوا دورا حاسما في قيادة ألمانيا لإلحاق الهزيمة الأقسى بالمنتخب الارجنتيني (4-صفر) في النهائيات منذ عام 1958، بتسجيله الهدف الاول، رافعا رصيده إلى اربعة أهداف، وتمريره الكرة التي جاء منها الهدف الثاني عندما كان واقعا على أرضية الملعب ليضع لوكاس بودولسكي في موقف المواجهة الفردية مع الحارس الأرجنتيني فأخذ وقته قبل أن يمررها إلى ميروسلاف كلوزه الذي وضعها في الشباك الخالية. لكن نجم بايرن ميونيخ الشاب تلقى إنذارا بسبب لمسه الكرة بيده، ما سيحرمه من خوض مواجهة دور الأربعة أمام إسبانيا لانه الثاني له في البطولة. بعد اخراج رجال المدرب دييغو مارادونا من النهائيات بهزيمة مذلة قال ابن العشرين ربيعا: "مذهل. كل شيء حصل بشكل رائع، أن ترسل الأرجنتين الى ديارها بالفوز عليها 4-صفر، حسنا، ماذا بإمكانك التعليق على ذلك؟"، وأضاف: "حققنا هذا الأمر بفضل الأداء الجماعي ولا يمكنني أن أختار أي لاعب بشكل فردي من أجل منحه الفضل. لقد لعبنا جميعا لتحقيق ذلك وكانت الحصيلة رائعة". ورد مولر بأفضل طريقة على مارادونا الذي أهانه خلال المواجهة الودية الأخيرة بين الطرفين عندما اعتقده أحد الفتيان المولجين بلتقاط الكرات في الملاعب. كان مولر مغمورا خارج ألمانيا عندما استهل مشواره مع منتخب ألمانيا في مباراة ودية امام الأرجنتين (صفر-1) في مارس الماضي في ميونيخ، لكنه أصبح الآن من مشاهير الكرة المستديرة على الساحة العالمية بعدما فرض نفسه نجما بكافة المعايير بتسجيله هدفين في مرمى الانجليز (4-1) في الدور الثاني ثم هدفا في مرمى فريق مارادونا، ليضيفها الى الهدف الذي سجله في مرمى أستراليا (4-صفر) في مستهل مشوار "المانشافت". من المؤكد ان مارادونا سيتذكر مولر جيدا لأنه اللاعب الذي مهد الطريقة أمام الألمان للخروج فائزين من موقعتهم مع "لا البيسيليستي" بتسجيله الهدف الأول بعد أقل من ثلاثة دقائق فقط، وهو أسرع اهدف في النسخة الحالية حتى الآن. رفض مارادونا أن يجلس الى جانب مولر خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد بعد المباراة لانه ليس بالمستوى "التمثيلي" المناسب بالنسبة للمدرب الأرجنتيني، لكن من المؤكد أن الأخير أصبح يملك صورة مختلفة عن اللاعب الألماني الذي أعاد "للأرجنتين" ومدربه ونجوم الملايين إلى أرض الواقع، مؤكدا بأن المباريات والألقاب لا تحسم في المؤتمرات الصحافية والهالات الإعلامية والإعلانية، بل في أرضية الملعب وبالأداء الجماعي الذي يعتبر الميزة الاساسية للماكينة الألمانية. لكن فرحة مولر برد اعتباره امام مارادونا لم تكتمل بعد أن ظلمه الحكم نسبيا برفع البطاقة الصفراء في وجهه لأن يده كانت ملتصقة بجسده كما أظهرت الإعادة ولم تعترض قصدا مسار الكرة، وسيغيب النجم الشاب عن موقعة دوربن النارية بين افضل منتخبين في النسخة الحالية حتى الان، وهو علق على هذه المسألة قائلا "آمل أن يتمكن زملائي من القيام بالعمل خلال الدور نصف النهائي حتى أتمكن من العودة إلى الفريق في النهائي". واكد مدرب المنتخب يواكيم لوف الذي يأمل قيادة ألمانيا إلى النهائي للمرة الثامنة في تاريخها، أن غياب مولر يشكل ضربة قاسية للمانشافت، لكنه غير قلق لأنه يملك البديل القادر على سد الفراغ، مضيفا "لقد رأيت البطاقة الصفراء ولا أدري لماذا حصل عليها. الكرة لمست فخذه ثم يده. أنا أشكك بصحة هذا القرار. لكن في الماضي تمكنا من استبدال لاعبين مثل مولر وسنواصل هذا الأمر". مسيرة مولر شهدت انطلاقة صاروخية، فقبل أقل من سنة كان يلعب في الدرجة الثالثة، لكنه ضرب بقوة في موسمه الأول في صفوف بايرن ميونيخ حيث سجل 19 هدفا في 52 مباراة واحرز الثنائية المحلية (الدوري والكأس)، وكان قاب قوسين أو أدنى من أن يتوج بالثلاثية لو قدر لفريقه أن يفوز بدوري ابطال أوروبا لكنه خسر النهائي أمام إنتر ميلان الإيطالي 2-صفر. وأبرز دليل على موهبة مولر وثقة مدربه الهولندي لويس فان غال به، ان الاخير فضله معظم فترات الموسم الماضي على الهداف الخطير ميروسلاف كلوزه، اما على صعيد المنتخب، فان يواكيم لوف لم يقف متفرجا امام موهبة هذا المهاجم الصاعد، فجعله من الركائز الاساسية وفي حال نجح "مانشافت" في تخطي اسبانيا والوصول الى النهائي فسيكون مولر امام فرصة ان يتوج هدافا للعرس الكروي كما فعل مولر الكبير عام 1974 وان يحذو حذوه ويرفع الكأس الغالية ايضا.