أنا أم لأربعة أطفال، ثلاثة ذكور وبنت، ولدي الثاني عمره ثمانية أعوام، فضولي إذا شاهدني أتحدث مع الآخرين يترك الألعاب ويستمع إلى حديثي ثم يحدثني بعد فترة بذلك، وقد نصحته وأفهمته بأن ما يفعله لا يجوز وأن الله تعالى نهى عن التجسس، وأخبرته أنني لا أخفي عنه شيئا إلا لمصلحته، وهو كثير الأسئلة كثير التشكي، حاولت أكثر من مرة أن أشعره بمكانته عندي، وأجعله يختار ملابسه بنفسه ويختار ما يشتري من ألعاب، ولا أفرض عليه رأيا أبدا إلا ما تقتضيه مصلحته، كأن يكون الشيء بالغ الضرر، ومشكلته الأخرى البخل، فهو شديد الحرص على ماله سواء مصروفه الذي يهبه والده أو المكافأة التي يتحصل عليها من مدرسته، فهو يدرس في مدرسة تحفيظ القرآن.. كثيرا ما أراه قد باع ألعابه على زملائه في المدرسة أو يقوم بتأجيرها على أقاربه إن زارونا، حاولت كثيرا معه بأن هذا لا يصح وأن الحرص على المال يجب أن يكون له حد، ولكنه لا يسمع كلامي ولا كلام أبيه.. أرجوك ساعدني. أم أروى الرياض ولدك لديه رغبة قوية في أن يكون صاحب حظوة لديك، لذا يحاول من خلال تلصصه على أحاديثك أن يبقي قناة التواصل معك موصولة، وحيث أنه كثير الأسئلة فهذه إشارة على فضوله وذكائه، لذا نصيحتي لك أن تكثري معه قراءة القصص، وكل قصة يقرأها اطلبي منه كتابتها ودعيه بعد أن يكتبها يقصها على أبيه أو على إخوته، ومن ثم مكافأته على ذلك، ربما ساعدته هذه الطريقة على إشباع فضوله، وأكسبته ذخيرة لفظية جيدة تعينه على إشباع الحاجة للمعرفة لديه، كما أن تخصيص بعض الوقت له للدخول إلى مواقع معرفية وعلمية على النت قد يساعده على زيادة حصيلته المعرفية، وإضافة إلى ذلك حاولي قدر الإمكان أن تقللي من منعه من الاستماع، وركزي أكثر على أهمية عدم إفشاء ما يسمع، لأنه كلما زاد منعك له زادت رغبته في معرفة ما يدور بينك وبين زوارك، وسيفيدك كثيرا لو أنك حاولت تكليفه ببعض المهام خلال وجود الضيوف لديك؛ لأن ذلك قد يشعره بأهميته، وفي أوقات الفراغ حاولي التحدث إليه عن قصص طفولتك وطفولة والده، واطلبي من بعض الأقارب أن يحدثوه عن طفولتهم إن أمكن، فهو بحاجة ماسة لزيادة معرفته، وقد تكون الأساليب المذكورة وسيلة من وسائل إشباع الحاجة للمعرفة لديه، أما عن لجوئه لزيادة دخله من بيع أو تأجير بعض الحاجيات للأقارب أو الزملاء، فهو سلوك يشير إلى ذكائه أيضا، أقترح عليكم عدم منعه من ذلك، ولكن توجيه مثل هذا السلوك بحيث يصبح جزءا من دخله الذي يحصل عليه من هذه التجارة موجها للصدقات، ودعوه يعطي مثل هذه الصدقات للفقراء بنفسه، ومن الحكمة أن يرافق والده لزيارة بعض بيوت الفقراء ليطلع على أحوالهم ويرى بنفسه كيف يعانون من قلة ما لديهم، وعندها تصبح تجارته وسيلة لمساعدتهم ويحس هو بقيمة هذا العمل الخيري الذي يقوم به. وبعدها سوف يعتاد ويشعر بسعادة وهو يساعد الآخرين، وسيدرك معنى مشاركة الآخرين ومساعدتهم، وأن الكسب المالي ليس هو طريق السعادة الوحيد.