لو أن باحثا فطنا أجرى دراسة لمعرفة عدد الموظفين المتقاعدين «المميزين» فإن النتائج حتما ستكون لم ينجح أحد أو لم يتميز أحد! ليس لأن المميزين لا يتقاعدون أو لا يقاعدونهم أو يتمسكون بهم! أو يمددون لهم ولا يقبلون تقاعدهم! بل لأن «التميز»، لا يخدم الموظف لا هو على كرسي الوظيفة ولا هو يتقاعد منها!! التميز عندنا لا قيمة له للموظفين الكادحين! أذكر موقفا حضرته ورأيته بأم عيني.. إحداهن كانت في دورة تدريبية أقامتها جهة عملها وتم ترشيحها لها بموافقة جهة العمل.. وعندما عادت من الدورة التدريبية قدمت كالمعتاد شهادة إثبات الحصول على الدورة وشهادة أخرى عليها توقيع جهة الدورة والمدرب باعتبارها متميزة وكان عنوان الشهادة... شهادة التميز!!... قدمت الموظفة الشهادتين.. لكن المسؤولة قالت لها «إحنا يهمنا شهادة حضور الدورة... أما التميز فهو لك!» هذه ثقافتنا المهنية لا يعنينا التميز، بل يعنينا الموظف الذي يثبت حضوره كل يوم، حتى لو كان جالسا على كرسيه يقرأ الصحف! لذلك يصعب على الباحث الفطن أن يميز التميز بين المتقاعدين لأن كلهم عند التقاعد سواسية! إن تقاعدوا مبكرا أو تقاعدوا بانتهاء المدة النظامية، النتيجة واحدة وكلهم لا فرق بينهم، كل واحد منهم تقيم له جهة عمله حفلة شاي لتوديعه ويقدمون له درعا ويقولون له مع السلامة! يتساوى في ذلك الموظف المجد والموظف الرديء الذي لم يتغيب والذي كان كثير الغياب! الذي تم التحقيق معه والذي ليس في ملفه شكوى واحدة ضده! أليسوا موظفين إذن كلهم عند وزاراتنا وجهاتنا الحكومية سواء الطيب والرديء الغث والسمين! والأدهى أن التمديد على المدة النظامية للتقاعد لا يناله الموظف الكفء، بل هو في الغالب من نصيب الموظف المسنود بعلاقاته وليس بإنجازاته! ففي الوظيفة الحكومية كلما كنت صاحب علاقات بالرؤساء والمدراء ولك تحت الطاولة مصافحات.. مضمونة.. كلما كنت الرابح ولا تتعب ولا تجتهد! ولاحظوا كل حفلات التقاعد التي تقام لتوديع المتقاعدين والمتقاعدات كلها شكلية.. قبلات وأحضان ودروع ومع السلامة! ولا شيء يذكر التميز ولا أحد يقدم صفحة الموظف، وليس هناك موظف محروم من هذه الحفلة حتى لو كان أسوأ الموظفين! عالم الوظيفة عندنا يحتاج إلى تطهير وإلى منظفات تزيل عنه البقع والأوساخ حتى يمكننا التقدم إلى الأمام بكفاءة وجدارة واستحقاق! أما الحال في الوقت الراهن داخل الأجهزة الوظيفية فيندى له الجبين وتطأطأ له الرؤوس.. ويحرك في دواخلنا الأسى والأسف! حيث ينال المناصب الإدارية ذوو الملفات السوداء وحيث يكون «النظيف» لا مكان له... وغيره يتصدر الواجهات، وحيث تنعدم وسائل التقييم والتقويم الموضوعية، وحيث تلعب العلاقات والمنافع المتبادلة دورا كبيرا في النور وقد كانت من قبل في الخفاء! وحيث يظن كل مدير أو رئيس جهاز أن له الحق كل الحق أن يعامل الموظف سخرة له.. من حقه أن يطرده أو يبقيه، يعنفه... بعض المدراء ظنوا أنهم في العلياء... والموظفين عندهم رهائن!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة