أسرعت قبل انطلاقة فعاليات كأس العالم المقامة حاليا في جنوب أفريقيا إلى التأكد من جاهزية الطبق اللاقط، وسريان اشتراكي في القنوات الفضائية التي تنقل المباريات «بصورة حصرية»، حتى أصابني بعض الهوس من احتمال انقطاع الإرسال بشكل مفاجئ أثناء متابعتي لبعض مبارياتي المفضلة، مع العلم أنني لست من الحريصين على متابعة أي دوري رياضي محلي أو أوروبي، إلا أن الاهتمام العارم بهذا الحدث الكروي الذي يتكرر مرة واحدة كل أربعة أعوام، شجعني وأثار حماستي الكروية، التي خفت حدتها كثيرا منذ أن كنت طالبا في الجامعة. وقبل بداية مراسم افتتاح المونديال، تعطل «الريسيفر المشفر»، مما استدعى طلبي مساعدة بعض عاملي صيانة الأجهزة الذين كان لديهم من الزبائن ما يكفي ويفيض في هذا الوقت الحرج، فضلا عن اتصالي بمزود الخدمة «بصورة عاجلة»، وانتظاري مساعدة أحدهم مدة تزيد على 30 دقيقة، قبل أن ينفد صبري وأغلق الخط، فالاتصال كان «دوليا». وأخيرا تم إصلاح العطل تلقائيا!! وبدأت الاستمتاع مع أفراد عائلتي بمراسم الافتتاح والمباراة الافتتاحية لبعض الوقت، قبل أن يتكرر انقطاع البث بشكل مستفز طوال تلك المباراة، وخلال المباريات التي تلتها. لعلها مقدمة طويلة، لكن ذلك جعلني أفكر في «الحق الحصري» لهذه القنوات، باحتكار فعاليات موسم رياضي دولي، يجمع الملايين من المشاهدين، وتلتقي عليه أكثر الشعوب، واسترجعت ذكرى متابعتي لمباريات كأس العالم 2002 خلال إقامتي في كندا للدراسة، وكيف أن جميع المباريات كانت متاحة في القنوات العامة، ليشاهدها جميع المقيمين في تلك الدولة مجانا دون تشفير. وأجدها مناسبة لطرح سؤال ربما يطرحه كثيرون: كيف يمكن تبرير استغلال تعلق الناس بالمونديال، وشغفهم بمتابعة فعالياته العالمية، واكتوائهم بلهيب أسعار الاشتراك أو تجديده، نتيجة احتكار حق البث الفضائي، فضلا عن انتشار فوضى السوق السوداء وفك الشيفرة التي يضطر لها كثير من المشاهدين ؟! لماذا يحرم كثير من الناس من مشاهدة حدث عالمي يتطلعون إليه من موسم لآخر، وينغص عليهم لدى محاولاتهم التمتع بمستويات فنية أرقى من تلك التي ملوا مشاهدتها في دورياتهم العربية، من خلال وصاية فضائية واحتكار مذموم؟! هل من جواب؟!. * استشاري أمراض صدرية واضطرابات النوم