ارتبط اسم (هيله) في ذاكرتي باسم حبيبة شاعر نجد العظيم محمد بن لعبون، وقد حاول ابن لعبون أن يخفي اسم محبوبته الجميلة حين منحها اسما مستعارا هو (مي) الذي يتساوي مع اسمها الأصلي في حساب الجمّل (الأبجدي)، حيث أن مجموع حروف كلمة (هيله) في هذا الحساب القديم يساوي 50، وكذلك الأمر بالنسبة لمجموع حروف كلمة (مي). لم يستطع ابن لعبون التعايش مع رياح التعصب التي بدأت تعصف ببلاده، خصوصا أنه شاعر منحاز دائما للحرية وعاشق لفن السامري، فهاجر إلى الزبير وهو في السابعة عشرة من عمره، كان بإمكانه أن ينحني قليلا لعواصف التشدد التي تهب على بلدته بين وقت وآخر كي يبقى بعيدا عن الأذى، خصوصا أنه ينتمي إلى واحدة من أشهر الأسر الوائلية ووالده قاض ومؤرخ معروف، ولكنه فضل أن يختار الطريق الصعب. في الزبير، حمل ابن لعبون في قلبه عشقين: عشق وطنه الذي غادره رغما عنه.. وعشق هيله التي يسميها (مي)، وأصبح بإمكانه في هذا البلد الذي كان أشبه بمستعمرة نجدية في العراق أن يطلق إبداعاته الشعرية التي كان لها أثر بليغ في تطور فن السامري في مختلف أنحاء الجزيرة العربية حتى قيل في الأمثال: (غير ابن لعبون لا يلعبون)!. ولكن ابن لعبون لم يستطع أن يبقى بعيدا عن الصراعات السياسية التي كانت تدور في الزبير، ولأن السياسيين لا يطيقون مناكفات شاعر جريء مثله فقد أصبحت حياته معرضة للخطر، فهرب إلى الكويت ومنها إلى البحرين، قبل أن يضطر للهروب مرة أخرى من البحرين حفاظا على حياته ليعود إلى الكويت التي توفي فيها بعد إصابته بالطاعون. وخلال مختلف فصول هذه السيرة العاصفة كانت (هيله) بالنسبة لابن لعبون رمزا للحب أكثر من كونها امرأة حقيقية، فهي في قصائده موجودة في نجد وفي الزبير وفي البحرين، واليوم لا يستطيع المؤرخون تحديد هوية (هيله) الحقيقية بين أكثر من (مي) وردت في أشعاره، فهل هي التي تعيش في ثادق النجدية، أم التي تعيش في الرفاع البحرينية، أم هي تلك المرأة التي كانت تعيش في الزبير قبل أن تتزوج تاجرا من الساحل العربي في إيران؟!. كل ما نعرفه أن (هيله) تغيرت رغما عنها، وأصبحت عاجزة عن تحديد مصيرها، وخرجت من زواج فاشل إلى زواج أكثر فشلا، فالمرأة ضحية دائمة لصراعات الرجال وصداماتهم الفكرية، وبرغم حب ابن لعبون لها إلا أنه شعر بغضب شديد منها لأنها استسلمت لهذه الظروف القاهرة وتحولت إلى دمية بشعة، ما دفعه لأن يصرح باسمها لأول وآخر مرة: (والله لولا الحيا واللوم .. لأصيح وأقول يا هيله)!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة