هي في الحقيقة عدة أسئلة، تمثل نظرة لموضوع المرأة السعودية ومهنة المحاماة، حيث كثر الحديث عن هذا الموضوع وظهرت عدة تصريحات من جهات معنية، و غير معنية!!، كلٌ يدل في الموضوع بدلوه، ومن خلال استعراض لتلك (الدِلاء) رأيت بعضها مليئا مرويا، و بعضها مخرق لا يكاد ينتهي إلا إلى نتيجة واحدة هي مبتدأ طرحه وخبره ! وهي: نريد محاميات مثل غيرنا !! .. رؤية ثلاثية الأبعاد ولأن طرح مثل هذا الموضوع المهم لابد له من رؤية ثلاثية الأبعاد، لمناقشته من كل الجوانب، وحتى لا يكون الموضوع تعبيرا عن وجهة نظر شخصية فإنني سأطرح هذا الموضوع من ثلاث زوايا هي من الأهمية بمكان ولعلها تكفي في الحد الأدنى لتشكيل رؤية كافية للحكم في الموضوع.. و أول هذه الجوانب هو المحاماة النسائية... حاجة المرأة للعمل لا توعد محتاجا، قولة نطق بها حكيم فسارت بها الركبان، فأضحت مثلا، و ذلك ينطبق بالفعل على حمى تصاريح المسؤولين، المعنيين و غير المعنيين، على مدى سنوات، إذ ما تكاد عاصفة المطالبة بمنح التصاريح للمحاميات تهدأ، وإلا ويقوم مسؤول بإلهاب حماها مرة أخرى بتصريح يؤكد قرب منح التصاريح، أو إمكانية إعطاء المرأة رخصة محاماة مشروطة للترافع أمام الأجهزة القضائية، ومقيدة بالترافع عن المرأة فقط !!، أو أن النساء لا يمنعن من الترافع في المحاكم .. إلخ، و هذه الحمى في التصاريح من المعنيين وغير المعنيين، لم تعالج أساس المشكلة، كما أن بعضها يقوم على غير أساس صحيح، علاوة على كون كثير منها استباق للأحداث، و افتيات على المشرع، فيظن ظان أن الشريعة تحرم توكل المرأة عن الرجل، وهذا من القول من تحريم الحلال إذ أن الفقهاء أجمعوا على عدم التفريق بين المرأة والرجل في الوكالة. ومن نافلة القول: أن نظام المحاماة لم يخصص المهنة برجل ولا امرأة ، ولم يشترط أن تتوكل المرأة عن المرأة فقط، كما يصرح بعض، غير المعنيين، لكن أساس المشكلة، هو في العنصر الأول: حاجة المرأة للعمل، في ظل وجود آلاف الخريجات اللاتي قذفتهن أقسام الشريعة والقانون، ولفظهن سوق العمل في فضاء البطالة، مع قوة تأهيلهن، ومقدرتهن أكثر من غيرهن على تولي هذه المهمات، وفي ظل إمكانية توفير فرص عمل لهن تناسب طبيعتهن، وتحترم ضوابط المجتمع الدينية والخلقية، وفي ظل اعتماد كثير من الأسر على بناتهم في الاستعانة على متطلبات الحياة، و في ظل قبضة خانقة من المستغلين لحاجة النساء للعمل، وما تتعرض له المواطنات كثيرا من الابتزاز، بسبب لقمة العيش؛ بذلك أصبح واجبا على المسؤولين، المعنيين فقط!، دراسة المشكلة من هذا الجانب والسعي في الاتجاه الصحيح، والقضاء على فوضى التصاريح المجلجلة هنا وهناك، حتى لا نسمع جعجعة ثم لا نرى طحنا. * قاض في المحكمة العامة __ جدة [email protected]