«التواضع والوفاء وسعة العلم والتثبت في الفتوى»، هذا ما أجمع عليه مفتي عام المملكة وأعضاء هيئة كبار العلماء في وصفهم لعضو الهيئة الراحل الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن غديان (يرحمه الله). وأوضحوا ل «عكاظ» أن الغديان كان مدرسة في الأخلاق والتأصيل الشرعي والهدوء والسكينة والزهد، لافتين إلى أنه لم يكن يدخر جهدا في تعليم الناس وتثقيفهم وتبصيرهم بأمور دينهم خلال 85 عاما.. فإلى التفاصيل: الالتزام والصدق أوضح مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن الغديان كان في درجة عالية من الالتزام بالعلم والعمل الصادق، مبينا «حفظنا عنه أنه متق ربه وذو علم وورع وتقوى وتأن في الأمور وثبات على المبدأ ومؤد للعمل وقتا وأداء ودعوة وإرشاد». وذكر مفتي عام المملكة أن الغديان يرحمه الله كان «يوصي طلابه وزملاءه بالأناة في الأمور والتثبت في الفتاوى وعدم التسرع فيها والنظر في مآلات الأمور». أما عضو هيئة كبار العلماء الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ فقال: «عرفنا عن الشيخ أنه ذو علم وفضل وديانة وعقل وحسن تصرف، وكما يوجه طلابه ومحبيه وينصح لأئمة المسلمين وعامتهم». رؤيا مبشرة وساق عضو هيئة كبار العلماء الدكتور محمد بن محمد المختار بشرى عاجلة للشيخ يرحمه الله إذ أنه رأى رؤيا تفيد بوفاة الغديان قبل ليلته الأخيرة، مبينا «رأيت الشيخ بارزا متصدرا مجموعة من علماء ماضين وكان وجهه مشرقا ولم أكن أدري أنه توفي فتعجبت من ذلك، ثم تبلغت بوفاته اليوم التالي». ووصف المختار الراحل يرحمه الله بأنه «من العلماء الأجلاء ومن بقايا تلامذة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله»، موضحا «رافقت الشيخ منذ انضمامي لهيئة كبار العلماء فرأيت أفضل مارأيت من العلماء في التواضع وخلقه وضبطه للعلم وبعد نظره في المسائل وأبرز صفاته النادرة التخفي». التميز في الأصول ورأى عضو هيئة كبار العلماء الدكتور يعقوب الباحسين أن الشيخ «تميز بالدقة العلمية والدراية الجيدة في الأصول والقواعد وكان متميزا في الجانب الفقهي والتأصيل». وذكر الباحسين أنه خاطب الغديان يرحمه الله في عدم تأليفه الكتب، فتبين له أنه نذر نفسه للتعليم والاستماع لمن يقرأون عليه، إذ أن الذين يقرأون عليه كانوا كثيرين. بقية السلف واعتبر عضو هيئة كبار العلماء الدكتور علي بن عباس حكمي أن الغديان كان من بقية السلف، ومن علماء الأمة الذين تدرأ بهم الفتن وتطلب بهم أحكام الشرع ويعتمد عليهم في بيان ما شرعه الله. وزاد الحكمي «تميز بالدقة المتناهية فيما يعطي من العلم ويتكلم به من الفتاوى والأحكام، إضافة إلى التواضع والبعد عن الشهرة، وكان حين المناظرة والنقاش يحرص على ظهور الحق عند مخالفيه». التواضع الكبير ويتذكر المستشار في الديوان الملكي الدكتور عبدالمحسن العبيكان أحد المواقف مع الشيخ عبدالله الغديان يرحمه الله قائلا: «كان يصر عليّ أن أفتي الحجيج في ميقات السيل الكبير إبان تكليفه بالإفتاء هناك، وكنت قاضيا في ذلك الوقت مع صغر سني وهذا من تواضعه، وكان يوصيني بأن استقل برأيي في إصدار الأحكام وعدم التقليد حتى لمن هم أكبر مني سنا». وأضاف العبيكان: كان يرشدني إلى الكتب التي ينبغي الأخذ بها، وكان من العلماء الذين يحترمون آراء الآخرين فلم نسمع أنه تسلط على أحد بسبب مخالفة رأيه في وسائل الإعلام، كما أنه لا تعرف عنه الإثارة أو التنقص من المخالفين أو التثريب أو النيل منهم، وإنما كان يبدي رأيه بهدوء. خلق وإخلاص ويروي عضو مجمع البحوث التابع للأزهر الدكتور محمد بن أحمد الصالح ذكرياته مع الغديان يرحمه الله مبينا «عرفته منذ أن كنت صغيرا قبل 50 عاما بخلق عظيم وتجرد وصدق وإخلاص وعلم غزير وفقه دقيق وإدراك كامل لشتى العلوم، عفيف اللسان نقي القلب يتصف بالصلاح والتقوى ولا يتعرض لأحد بأذى، جاد مجتهد في تحصيل العلم ونشره». وأفاد الصالح «طلبت من وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة أن تعاد حلقاته في برنامج نور على الدرب وتخرج تسجيلاته في الإذاعة حتى ينتفع بعلمه».