الأخطاء تكشف بعضها حين يفتضح أمر واحد منها لأنها جميعا تقوم على أساس غير أخلاقي. التجاوزات باختلاف أشكالها تتعرى عندما يسقط حجاب أحدها لأنها منظومة قبيحة لا تستطيع الثبات إذا ما انفرط عقدها.. هكذا تسير الأمور عندما تحدث الكوارث، كل شيء له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بها يتضح ويفتضح أمره، وهكذا كشفت لنا كارثة سيول جدة كثيرا من الأخطاء الفادحة التي لولاها لاستمرت الأمور على ما كانت عليه إلى حين لا يعلمه إلا الله. 220 مليون متر مربع فقط لا غير من التعديات على الأراضي رصدتها اللجنة المتخصصة في محافظة جدة بحسب ما نشرته هذه الصحيفة يوم الخميس الماضي وتسببت في تعطيل مشاريع تنموية هامة.. ومثل هذه المعلومة لا بد أن تذكرنا بحيرتنا الدائمة تجاه التبرير الذي تقدمه بعض الجهات الحكومية بعدم وجود الأراضي المناسبة لتنفيذ مشاريعها، مع أننا نشاهد المساحات الشاسعة داخل نطاق المدن ولا نعرف لماذا هي هكذا، خلاء لم يقم عليه عمران منذ سنوات بعيدة.. وزارة التربية والتعليم تشتكي من عدم توفر الأراضي المناسبة لإنشاء المدارس، وزارة الصحة تقدم ذات السبب في تأخير إنشاء المراكز الصحية والمستشفيات، إدارات الطرق تقدم العذر ذاته بين حين وآخر، وكثير غير هذه الجهات تلمح أو تصرح بهذا التبرير. ونحن بمداركنا البسيطة نعرف أن هناك من يبسطون أيديهم وأرجلهم في بعض الأماكن، لكن لم يكن بوسع أحد منا أن يتخيل أن الأمر يصل إلى الاستحواذ على 220 مليون متر مربع في محافظة واحدة!.. دعونا نحاول أن نكون أكثر قربا من الحقيقة لنقول أن البسطاء من الناس لن يجرؤوا على مجرد التفكير في بسط أيديهم على أراضٍ في نطاق المدن، وإن تمادى أحد من هؤلاء وفكر ثم حاول فلن تنجح محاولته أبدا، وبالتالي لن ينجح إلا من هو واثق من النجاح قبل أن يفكر، وهذه الفئة حتما لا يدخل ضمنها شخص بائس ضاقت به الدنيا فأقام حاجزا من الزنك أو القش على أرض صغيرة في الفلاة كي تحيط أطفاله المشردين.. وقبل أن ننتهي حاولوا أن تحسبوها معي: كم عدد المواطنين المطحونين في محافظة جدة الذين يحلمون بأرض لا تزيد مساحتها على 400 متر مربع كأقصى طموح؟ اقسموا 220 مليون متر مربع عليهم.. كم طلعت الحسبة ؟؟ هل توصلتم معي إلى أن الحسبة تكفي كل المشردين في الوطن؟؟ [email protected]