بين آونة وأخرى يبرز حديث من هنا أو هناك حول «الوهابية»، ولكن هذا الحديث يأتي دائما في إطار الذم، فالوهابيون كما يقول هؤلاء قوم مغلقون على أنفسهم، يتصفون بالتشدد المذموم، كما أنهم لا يحبون الرسول الكريم ولا الصالحين من المسلمين. وفي غالب الأحيان يتم الربط بين «الوهابية» و«السلفية»، فالسعوديون مثلا وهابيون أحيانا وسلفيون أحيانا أخرى، وهاتان الصفتان أيضا تأتيان في مجال الذم والانتقاد. وقد كثر إطلاق صفة «الوهابية» على أبناء بلادنا في الآونة الأخيرة، لا سيما بعد الأحداث التي جرت في أمريكا، وللأسف فإن بعض العرب مارسوا الدور نفسه، والأسف الأشد أن بعض الكتاب السعوديين انخدعوا أو تعمدوا الإساءة لبلادنا، فمارسوا إطلاق مصطلحات خاطئة وظالمة على من وصفوهم ب «الإرهابيين»، فمرة يقولون: إنهم أصوليون، أو سلفيون جهاديون، أو أنهم وهابيون!! والحقيقة أنهم ليسوا من هؤلاء في شيء.. فالأصوليون والسلفيون لا يفعلون ذلك ولا يقبلونه، كما أن «الوهابية» مصطلح خاطئ من أساسه، فليس هناك مذهب أو مجموعة تحمل هذا الاسم، وإنما ينسب هذا المصطلح للإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب من مجموعة من الناس كان لهم مآرب سيئة آنذاك ثم استمر البعض يفعل ذلك جهلا أو تجاهلا فكيف يستسيغ بعض قومنا أن يجاروا أولئك في الإساءة لبلادنا ورموزها؟! في مهرجان الجنادرية الأخير عقدت ندوة من جزءين للحديث عن السلفية، شارك فيها سنة وشيعة، وشارك فيها مثقفون عرب يحملون أفكارا يصفونها بالتقدمية والتحررية، كما شارك الشيخ صالح بن حميد والدكتور عبد الوهاب أبو سليمان وآخرون.. ومع الاختلاف الكبير في فهم «السلفية» عند المتحدثين، ومع أن البعض ربط بينها وبين التخلف الديني والتشدد المزعوم، والإرهاب إلا أن الجميع كان يرى أنه سلفي بحسب المفهوم الذي يراه للسلفية وأن الرؤية التي عند الآخرين ليست صحيحة.. وعندما يقال: إن السلفية تعني العودة إلى الجذور، وأن الإسلام يجب أن يفهم بحسب فهم الرسول الكريم وصحابته ثم بحسب فهم القرون الثلاثة الأولى التي وصفها الرسول بأنها خير القرون، يقول البعض: هذا فهم خاطئ، فلكل إنسان فهمه لهذه القرون وأقوال أصحابها، ثم إن لكل عصر مفهومه ولا ينبغي أن يكون المسلم «وهابيا» أو «حنبليا»!! أعود الى القول: إن الوهابية مصطلح لا وجود له إلا في أذهان بعض الجهلة الذين لا يعرفون حقيقة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ولا يعرفون حقيقة الواقع السعودي، وأن المجتمع يرجع في فقهه إلى الإمام أحمد بن حنبل، وهناك آخرون يرجعون إلى بعض الائمة الآخرين، وأنه ليس هناك من أحد في بلادنا يقول إنه «وهابي»، ومع هذا كله فإن المغرضين لن يتوقفوا عن الحديث عن هذا الموضوع في إطار محاولاتهم الإساءة للسعودية وموزها.. الشيء الذي يجب أن يفعله مثقفونا أن لا ينجروا إلى ما يقوله الآخرون وأن لا يسيئوا إلى بعض المصطلحات باستخدامها بصورة مشوهة اقتداء بمن يريد الإساءة لنا.. السلفية مصطلح جميل محمود بشرط أن يؤخذ بحسب أصوله العلمية، أما الأصولية فهي مصطلح غربي كنسي لا علاقة للمسلمين عموما به، ومع هذا فالبعض يستخدمه ذما في المسلمين الذين يصفونهم بالمتشددين أو الوهابيين. هناك خلط واضح في استخدام المصطلحات، فإذا كان للأعداء أو المبغضين مصالح في الإساءة لنا باستخدام هذه الرموز، فلماذا ينجرف بعض القوم معهم في هذه الإساءات؟! أتمنى أن نكون منصفين مع أنفسنا على أقل تقدير حتى نطلب من الآخرين أن ينصفونا.