منذ أن يتلقى الناس خبر وفاة قريب لهم، فإنهم يبحثون في قضاء دينه ومتابعة تسديد الحقوق التي عليه، لكن كثيرا منهم يسعى إلى الوفاء بالدين من مال الزكاة عطفا على الميت ورأفة بحاله. «عكاظ» طرحت القضية للنقاش بين أهل العلم الذين بينوا أحكامها المختلفة، موضحين أن الأحياء أحق بالوفاء من الأموات، وأن ذلك يعطل سداد ديون الأحياء .. فإلى التفاصيل: لايجوز مطلقا الدكتور صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء: لا شك أن قضاء الدين عن الميت أمر مشروع، وفيه إحسان إلى الميت، وفك لرهانه، وإبراء لذمته، أما أخذه من الزكاة فمحل خلاف بين أهل العلم؛ لأن الله سبحانه وتعالى بين مصارف الزكاة في الأصناف الثمانية، فيقتصر على ما بينه الله سبحانه وتعالى، ولا يجوز الزيادة عليها، وقضاء الدين عن الميت لا يدخل فيها، فيما يظهر، وهذا أحد القولين لأهل العلم. والقول الثاني، وهو رواية عن أحمد، واختاره الشيخ تقي الدين ابن تيمية: إنه يجوز قضاء الدين عن الميت من الزكاة، ولكن مهما أمكن أن يقضى الدين عن الميت من غير الزكاة؛ فإنه أحوط وأحسن. مختلف فيه الشيخ محمد صالح المنجد، فقيه: اختلف العلماء في جواز قضاء دين الميت من الزكاة، فذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقضى دين الميت من الزكاة، وقد اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وذهب أكثر العلماء إلى أنه لا يقضى دين الميت من الزكاة، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: شخص توفي وعليه دين، وليس وراءه من يستطيع سداده، فهل يجوز أن يسدد هذا الدين من الزكاة؟ فأجاب: «لا يجوز أن يسدد دين الميت من الزكاة، ولكن إذا كان قد أخذه بنية الوفاء فإن الله يؤديه عنه». جائز الدكتور محمد بن سعد العصيمي، أستاذ الفقه في جامعة أم القرى: تعطى الزكاة لمن جاء بيان وصفهم في كتاب الله، حين قال (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها ..) الآية، ومن أصناف هؤلاء الغارمون، والغارم من لايستطيع الوفاء بدينه سواء كان ميتا أو حيا، فإذا كان غرم الدين لغيره وقد أخذه بنية الرد فإنه يعطى من الزكاة، وكذلك إذا كان الدين لنفسه ولم يترك وفاء ولم يسدد عنه من بيت المال فإنه يعطى من الزكاة أيضا سواء كان حيا أم ميتا؛ لأن الحقوق لاتسقط بموت الرجل، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (يغفر للشهيد كل شيء إلا الدين)، وحديث أبي قتادة المشهور.