يشكل عقد الإيجار الموحد نوعا من التوازن بين المالك والمستأجر، ويقلل من نسبة المشكلات والمنازعات، كما أنه يخفض نسبة القضايا المنظورة في المحاكم والتي يطول النظر فيها لسنوات وسنوات. وانطلاقا مما تقدم طالبنا بتطبيق هذا العقد منذ زمن طويل، بعد تزايد حالات المماطلة، والآن أصبح إقرار هذا العقد ضرورة حتمية بعدما أصبحت حالات المماطلة تشكل ظاهرة، خصوصا في المدن الرئيسية، وتكبد المستثمرين والملاك خسائر فادحة بسبب تأخر البت في القضايا المنظورة في المحاكم . إن كثرة القضايا الناجمة عن مماطلة المستأجرين أدت إلى بروز هذه الإشكالية، التي نرى ضرورة وضع حلول جذرية لها، مثل تطبيق «العقد الموحد» لأنه سيخفف من معاناة كثير من الملاك أو المستأجرين، ويحدّ من المشكلات بين الطرفين . لقد عمدنا في الفترة الأخيرة إلى دراسة كل عقود الإيجار، واستنتجنا منها رؤية موحدة لعقد الإيجار مثله مثل كل العقود الأخرى، بحيث لا تختلف عقود أي قطاع عن الآخر، وهذا كان يشكل في السابق معضلة كبيرة أجبرت الجهات المعنية على تحويل الكثير منها إلى القضاء، الأمر الذي أدى إلى بقاء المالك لسنوات طويلة ينتظر إيجار منزله، فيما لا تزال القضية بين يدي القاضي وتمضي سنة تلو الأخرى والقضايا تتراكم في أدراج المحاكم دون أن تتضح التفاصيل المختلفة بين الجانبين، وهكذا تزداد القضايا تعقيداً دون حل . ولا شك أن عدم الإسراع في الفصل في هذه الخلافات أدى إلى تردد الكثير من المستثمرين في الدخول في الاستثمارات العقارية، وهذا يرجع إلى عدة أسباب من أهمها تعدد صيغ العقود، وعدم احتوائها على البنود الكفيلة لحفظ الحقوق لأطراف العقد وعدم إنفاذ الحقوق المدنية لما تضمنته العقود، والفصل في النزاعات وإحالة هذه المواضيع إلى المحاكم الشرعية التي عادة ما تستغرق فترات طويلة للبت فيها إضافة إلى غياب الآلية الناجعة لإلزام المستأجرين بالسداد وطول الإجراءات فيما يتعلق بتحصيل الحقوق وإخلاء الوحدات السكنية والتجارية . إن اللجنة المشكلة من وزارة العدل، لدراسة العقد الموحد لتأجير الوحدات السكنية والتجارية، إنتهت من إعداد الصيغة المقترحة لمشروع العقد الموحد، ورفعت إلى المقام السامي لاعتمادها وتوجيه الجهات الحكومية المعنية في مختلف مناطق المملكة للعمل بموجبه ، وهذا العقد يحدد حقوق وواجبات المستأجرين والمؤجرين للوحدات العقارية، ويعطي الحق للمؤجرين باتخاذ عدة إجراءات منها فصل التيار الكهربائي وإخراج المتعثرين والمماطلين عن دفع المبالغ المستحقة عليهم خلال أيام معدودة، من خلال اللجوء إلى أقسام الشرط بعيداً عن المحاكم الشرعية، كما ستخصص مكاتب لتوثيق وتصديق العقود بكل أشكالها وأنواعها . * رئيس اللجنة العقارية في غرفة جدة