يتحدث الجميع من حولها وترتفع أصواتهم، وتظل نوف (17 عاما) بعيدة تماما عن كل ما يقال في الجلسة العائلية، فهي غارقة في حديث كتابي خاص مع صديقاتها على ال «بي بي». تتسمر عيناها على شاشة الجوال، تارة تضحك على النكت والقفشات المرسلة وأخرى تنفعل مع النقاشات الحادة، ولا يقطع انسجامها في هذه المحادثة سوى صوت أحد الجالسين وهو ينادي باسمها ليطلب منها أن تفعل شيئا. تقضي نوف جزءا كبيرا من ساعات يومها في متابعة محادثات البلاك بيري. تقول: «أستمتع كثيرا بالتواصل مع الصديقات على مدار الساعة، ولكن ذلك يشغلني عن أمور كثيرة أهم، بما فيها المذاكرة وأعمال المنزل». ويعتبر بعض المراقبين انتشار أجهزة البلاك بيري المتضمنة خاصية المحادثات ال «بي بي» بين أوساط الشبان تحديدا سلاحا ذا حدين، فعلى الجانب العملي هو يوفر سهولة في الاتصال والتعامل وتبادل الرسائل والصور وملفات الفيديو بشكل مباشر، ولكنه في ذات الوقت وسيلة هدر للوقت بشكل كبير، تصل بصاحبها إلى أن الابتعاد عن مجتمعه الطبيعي والتحليق في عوالم خاصة تكاد تكون أقرب إلى الخيال. وبالنسبة لرجال الأعمال فالبلاك بيري وسيلة لإنجاز أعمالهم مع المجموعات التي يرتبطون بها وبشكل مباشر دون الارتباط بالمكان والزمان، ويركز مستخدموه على استخدام التطبيقات المتعددة التي تتيح لهم الوصول إلى الانترنت وإنجاز المعاملات الالكترونية فضلا عن استخدامهم للبريد الالكتروني بشكل مباشر، وهو ما جعل البلاك بيري مطلبا حقيقيا يحل مقام أجهزة الحاسب الآلي نظرا للإمكانات الموازية له في أغلب المتطلبات الأساسية. يرى عبد الله العوفي رجل أعمال أن الجهاز أغناه عن البقاء أمام جهاز الحاسب الآلي خصوصا أنه مرتبط دوما بالشبكة العنكبوتية وذلك ما جعله ينجز معاملته بشكل أسرع وعلى مدار الساعة، يقول: «أنا أتاجر في سوق الأسهم وذلك يتطلب مني البقاء أمام الحاسب الآلي ولا وقت لدي مع تنقلاتي الدائمة، ولكن البلاك بيري وفر لي الوقت بشكل كبير». ويدخل البلاك بيري على خط المعاكسات بطريقة غريبة ومستهجنة، فهناك من بين الشباب من يضع رقم ال «بي بي» خاصة على زجاج سيارته أو يطبعه على ملابسه حتى يتسنى له التعرف على أصدقاء جدد بمجرد إضافة الرقم المتاح من قبل الشركة إلى قائمة الأصدقاء في الجهاز.. وترى سماح الرفاعي سيدة أعمال أن الكثيرين من الشبان يسيؤون استخدام التقنية بشكل عام، فأصبح البلاك بيري وسيلة للتفاخر ومسايرة الموضة وهناك من يستخدمه لجذب الجنس الآخر والمعاكسات، وتنصح الوالدين بالالتفات إلى أبنائهم في حال امتلاكهم لأجهزة مماثلة خصوصا أن هناك لقاءات خفية بين الجنسين من خلاله، ولا تخفي مخاوفها من أن تكون هذه الخدمة وسيلة لاستدراج الفتيات والتغرير بهن.