كثرت في هذه الآونة مشكلات الناس وتعددت، وأصبحت الخلافات الأسرية ظاهرة على السطح، وأكبر مشكلة في هذه الناحية مشكلات الطلاق وخصومات الأقارب التي زادت بسبب الجهل والسعي وراء حطام الدنيا، ودفعت بعض الأزواج إلى اللجوء للطلاق على أسباب يستحيي المرء من ذكرها، ولم يستوعبوا العواقب الوخيمة والمآسي والأحزان التي يخلفها الطلاق، ولذلك امتلأت الدوائر الحقوقية بمثل هذه المشكلات، حتى اضطرت بعض المحاكم الشرعية إلى الاستعانة ببعض الدعاة والأشخاص المشهود لهم بحب الإصلاح بين الناس، ومنحتهم حق التدخل في القضايا الأسرية، لبحث أسباب الخلاف وإقناع الطرفين بالصلح دون الحاجة إلى إصدار حكم شرعي في القضية المطروحة، وبالرغم مما حققته لجان إصلاح ذات البين من نجاح ملحوظ، إلا أن الأشخاص القادرين على ممارسة هذا الدور قليلون، فليس كل شخص قادر على أداء مهمة الإصلاح بين الأطراف بشكل سليم ومتزن، وإلا قد يفسد وهو لا يدري، ومن هنا فإنني أطرح اقتراحا قد يحسّن من أداء هذه العملية ويطور من أسلوبها، لأنها محببة شرعا وعقلا وهو : القيام بتأهيل المصلحين والمصلحات في كل محافظة ومنطقة، وذلك بعقد دورات عالية الجودة أو إنشاء فصول دراسية متخصصة في هذا المجال تحتوي على العلوم الشرعية والتربوية والنفسية وأساليب الحوار وقبول وجهات نظر الآخرين وطرائق اقتناص فرص الصلح، وفي نهاية كل دراسة يمنح كل دارس ودارسة شهادة على أهليته بالقيام بالصلح بين الناس، وأرى أن تتولى وزارة الشؤون الاجتماعية هذا الشأن بأسرع وقت، لأن المشكلات في ازدياد وعندنا ولله الحمد الإمكانيات المادية والبشرية للقيام بمثل هذا المشروع، وسوف نكسب بإذن الله عدة مكاسب منها: الحفاظ على الأمن الأسري، وتقليل الضغط على المحاكم الشرعية ودوائر الأمن المختلفة، الحفاظ على رابطة القرابة والرحم، حماية جيل الشباب من الانجراف خلف المشكلات الأسرية ومن ثم ممارسة هذه الأدوار المرفوضة عند الكبر، وقبل هذا وذاك الاستجابة للنداء القرآني عندما قال سبحانه وتعالى: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) فهنا أمر من الله بالصلح بين المؤمنين إذا حصل بينهم النزاع والخلاف، وقال عز وجل ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما) وقال صلى الله عليه وسلم : (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا بلى قال إصلاح ذات البين فإن إفساد ذات البين هي الحالقة) وقال صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصدقة إصلاح ذات البين) فإذا كنا محتاجين للمصلحين والمصلحات ليطفئوا النار المستعرة بين الأقارب والأزواج فلماذا لا نؤهلهم ونطور مستوياتهم عن طريق الدورات التأهيلة أو الدراسة القصيرة في مستوى الدبلوم مثلا، فنجنب المجتمع كثيرا من الكوارث الأسرية والعائلية، والتي يكون ضحيتها غالبا أطفال أبرياء ليس لهم علاقة بما يفعله الكبار. عبدالرحمن علي حمياني المخواة