فتحت «عكاظ» بتاريخ 9 ربيع الآخر 1431ه ملفا قديما ما زال يتجدد حتى اليوم بعنوان نامصات باحثات عن الجمال بمخالفة الشرع ويطلبن من الله المغفرة والهداية والتوبة، وهو حال الكثير من النساء ممن يمارسن هذه العادة فهل كل نامصة ملعونة كما ورد في الموضوع؟ إن لعن المؤمن المصون لا يجوز، فاللعن حرام لرجل كان أم امرأة حيوان أم جماد، حتى للكافر الميت غير المتحقق كفره بل لا يجوز للكافر الحي ومن باب أولى المسلم الفاسق لقوله عليه السلام: «إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فهو كقتله ولعن المؤمن كقتله»، وقد رددت الكثيرات هذا الحديث لعن الله النامصة والمتنمصة .. دون وعي لحقيقته ومرتبته ودرجته فلابد من وقفة لمعرفة الحقيقة حتى تتضح الصورة، وهل فعلا هو حديث لرسول الله عليه الصلاة والسلام أم قول لابن مسعود إن اللعن يعني الطرد من رحمة الله ولا يكون إلا لجرم عظيم وفعل يستحق هذه اللعنة وليس لمجرد أن امرأة أزالت شعر حاجبيها ووجهها تتقرب بذلك لزوجها أو خطيبها في محراب الحب والجمال، أو تتجمل للخطاب. ورد هذا القول في (فتح الباري) (10/377) ، وورد في نفس المرجع (8/630) تحت باب (وما آتاكم الرسول فخذوه) حديث رقم (4886) عن ابن مسعود قال: لعن الله الواشمات والمتوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله. فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب، فجاءت فقالت: إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت .. فقال: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله ومن هو في كتاب الله، فقالت: لقد قرأت ما بين اللوحتين فما وجدت فيه ما تقول، قال: لئن كنت قرأته لقد وجدته أما قرأت وما آتاكم الرسول فخذوه، قالت بلى، قال فإنه قد نهى عنه، قالت: فإنني أرى أهلك يفعلونه، قال فاذهبي فانظري، فذهبت فلم تر من حاجتها شيئاً، فقال: لو كانت كذلك ما جامعتها. وفي سياق شرح هذا الحديث من قبل ابن حجر أنها استشكلت اللعن، ولا يلزم من مجرد النهي لعن من يمتثل، وكذلك يحتمل أن يكون ابن مسعود قد سمع اللعن من النبي عليه الصلاة والسلام، وقولها أهلك يفعلونه، أن المرأة رأت ذلك حقيقة، وابن مسعود أنكر عليها ذلك فأزالته، فلهذا لما دخلت المرأة لم تر ما كانت رأته قبل ذلك وهنا قاعدة عقلية فحواها أن نص الحديث ألا يعود على أهله بالبطلان. فهل يعقل أن أم يعقوب رأت امرأة ابن مسعود تفعله ثم دخلت عليها مرة أخرى فوجدت أنها لم تفعله، والعقل يقول إن الشعر لينبت يحتاج إلى أسابيع بل إلى شهور، فوجب أن يتوافر في متن الحديث ألا يكون مخالفاً لبديهيات العقول. ثم أن احتمال أن يكون ابن مسعود قد سمع اللعن من النبي صلى الله عليه وسلم كما قال ابن حجر يدلنا على أن وقائع الأحوال يتطرق إليها الاحتمال فيكسوها ثوب الإجمال ويسقط بها الاستدلال. وقوله للمرأة ما لي لا ألعن استفهامية وجوز الكرماني أن تكون نافية. إن من شروط الحديث الصحيح ألا يكون معلا والعلة هي أمر خفي غامض يقدح في صحة الحديث ومعنى موقوفاً (أي من رواية الصحابي)، وتلك علة تقدح في صحة الحديث، وحديث ابن مسعود عن النامصة حديث موقوف عليه وليس بمرسل ولا مرفوع، قال ابن الصلاح عن الحديث المرفوع هو ما يروى عن الصحابة من أقوالهم وأفعالهم ونحوها فيتوقف عليهم، ولا يتجاوز بهم إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد تم تعريف الحديث الموقوف بأنه ما أضيف إلى الصحابي قولا كان أم فعلا، أو تقريراً متصلاً كان أو منقطعاً. وحديث النامصة لم يرفع إلى رسول الله البتة، ونحن نعلم أن صيغ الرفع صيغ متفق عليها عند أهل الحديث مثل (سمعت، حدثني، قال، أخبرني..) وابن مسعود يقول (ما لي) لا ألعن وكلمة مالي تحتمل عدة معان مختلفة في اللغة، مستبعداً أن صاحب رسول الله ابن مسعود يقول للسائلة لو كانت كذلك ما جامعتها يعني (زوجته). ولو كان حديث لعن النامصة قد صدر عن رسول الله في حق من تنمص حاجبها لكانت السيدة عائشة أول من قال به فهي الأقرب لمسائل النساء وأحوالهن وأولى من ابن مسعود في ذلك ولكنها ترى خلاف ذلك تماماً مخالفة بذلك من تأخذ بهذا الحديث تاركة شعر وجهها وحاجبيها ينمو ويتكاثر حتى تتغير ملامحها وتكون للقبح أقرب، فالسيدة عائشة تؤكد على أنه يجوز للمرأة أن تزيل ما في وجهها وجسمها من شعر يقلل من جمالها في نظر زوجها. ورد ذلك في (سنن البيهقي وعبد الرزاق) (3/146)..أن امرأة قالت يا أم المؤمنين إن في وجهي شعرات أفأنتفهن أتزين بذلك لزوجي فقالت عائشة أميطي الأذى وتصنعي لزوجك كما تتصنعين للزيارة، كما ورد في (صحيح البخاري) (10/378) عن أبي إسحاق عن امرأته أنها دخلت على عائشة وكانت امرأة أبي اسحق شابة يعجبها الجمال، فقالت المرأة تحف جبينها لزوجها فقالت عائشة أميطي الأذى ما استطعت، وتقول رضي الله عنها لو كان في وجه بنات أخي عبد الرحمن شعراً لأزلته ولو بحد الشفرة. فنمص الحاجب وإزالة الشعر ليس فيه تغيير لخلق الله فالتغيير يتطلب الدوام والثبات كما ورد ذلك في القرآن الكريم وقياساً لما أجاز الشرع تقصير أو حلق شعر الرجل ولحيته والتغيير في خلق الله يطال المرأة والرجال. ورد عن ابن تيمية الفتاوى 20/265.. كذلك لعن الواصلة والموصولة ثمة من الفقهاء من يكره فقط وهو إلى الإباحة أقرب وقد ورد في رسالة القيرواني 2/423 أن النهي محمول على المرأة المنهية عن استعمال ما هو زينة لها كالمتوفى والمفقود عنها زوجها وليس كل النساء. ورد في (الفتاوى) (20/225) من كان عاجزاً عن معرفة حكم الله ورسوله وقد اتبع من أهل العلم والدين ولم يتبين له أن قول غيره أرجح من قوله فهو محمود يثاب ولا يذم على ذلك ولا يُعاقب. فلماذا نريد أن نؤكد لعن المسلمات وهو قول ورد عن ابن مسعود ولم يسمعه متأكداً من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ واللعن عقاب عظيم لجرم أعظم والنمص لا يستحق اللعن ولقد لعنت امرأة ناقة لها فسمعها الرسول عليه السلام فأبى إكمال رحلته حتى تطرد الناقة من القافلة قائلاً «كيف نسافر ومعنا ناقة ملعونة». ونحن كيف نعيش وفي بيوت بعضنا زوجة أو ابنة أو حتى عاملة منزلية نامصة وبالتالي ملعونة حسب منطق ابن مسعود أن التغيير للزينة غير منكر شرعاً كالختان وقص الظفر والشعر وصبغ الحناء ويدخل فيه ترقيق الحواجب للمرأة وإزالة الشعر من الوجه الآداب الشرعية ابن مفلح 3/235. فاكس: 6975040 [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 148 مسافة ثم الرسالة