الزمن ملوم في عيون الناس، هم يرونه غير عادل في تعاملاته معهم، لذلك يجعلونه السبب في كل ما يصيبهم من مآس وأحزان، ويظنون أنه لولا انحراف الزمن في سلوكه معهم لكانت حياتهم أفضل. إلقاء اللوم على الزمن عادة من عادات الناس الكثيرة التي تسود وتنتشر بينهم، فإلقاء اللوم على الزمن يريح الضمائر من الشعور بالمسؤولية أو تأنيب الذات والاعتراف بالخطأ أو التقصير. عادة لوم الزمن تمتد وتتسع وتتغلغل في نفوس الناس لتشمل كل كبيرة وصغيرة في حياتهم، فإذا (حرنت) السيارة ورفضت التحرك بعد طول هجر وإهمال، قيل إنه فعل الزمن. وإذا انهار البناء بعد حياة طويلة، قيل حكم الزمن. وإذا ذبلت الزهور في الإناء فلا غرابة؛ إنه أثر الزمن. وإذا بهتت العلاقة بين حبيبين ففترت حرارة المشاعر بينهما وخمدت جذوتها، اتهم الزمن. وإذا اصفرت أوراق الكتاب وتهلهلت صفحاته فالمسؤول الزمن. وإذا أخلف الوعد، أو نقض العهد، أو خاب الأمل، فالمتهم الأكبر في ذلك هو الزمن. الزمن معرض أبدا لاتهام الناس، فهم ما فتئوا يلومونه ويلقون عليه بمآسيهم. فالزمن ملوم لأنه يمر بالناس عجلا فيلتهم شبابهم وقوتهم ويتجاوزهم مسرعا وقد تجعدت وجوههم وانحنت ظهورهم وخارت قواهم. والزمن ملوم لأنه يمر بالناس كلمحة برق خاطفة، وعندما ينقشع عنهم غباره يفاجأون بأنه في مروره الخاطف لم يمكنهم من الانتفاع به، فمضى عنهم وقد خلفهم خالي الوفاض من كل شيء، لم يحققوا لأنفسهم خلاله ما يسرون به أو يعتزون ويفخرون، فلا نتاج فكريا أو علميا أو ماديا، لا شيء البتة. والزمن كذلك ملوم لأنه متقلب، فهو في عهدهم ليس كما كان في عهد آبائهم أو أجدادهم، هو الآن يحمل لهم الشرور والموبقات ويعرضهم لإغواءات كثير من الآثام، ولم يكن هذا طبعه في عصر الآباء والأجداد، أيام كان صالحا طيبا رفيقا. ولو كان للزمن أن يتكلم، لاشتكى ظلم الناس، ولصرخ من فرط ثقل ما ينسب إليه من أوزارهم. فالناس ظلموا الزمن حين جعلوه عذرهم الذي يتخففون به من ألم الشعور بالإخفاق والفشل حين يقع لهم شيء من ذلك بسبب سلبيتهم أو سوء تدبيرهم وعجز تفكيرهم أو لتقاعسهم وخمولهم. بعض الناس يظنون علتهم في الزمن، وعلتهم الحقيقية في أنفسهم، فكثير مما يتهم به الزمن لا يد للزمن فيه، وإنما هو الاستسلام والتخاذل الذي يجعل البعض يقدمون التشبث بالسلبية في مواجهة مشكلات الحياة، بدلا من اتخاذ خطوات حاسمة يعالجون بها ما يضايقهم، أو ينالون بها ما يتمنون ويرجون. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة