نتمنى مع الزميل جمال خاشقجي رئيس تحرير صحيفة «الوطن» أن يكون مطلق الرصاصات الخمس على مبنى الصحيفة عصر الأربعاء الماضي تحت تأثير أي شيء إلا أن يكون تصرفه تعبيرا خاصا عن الرأي تجاه الرأي الآخر الذي تخطه الأقلام ويحتضنه الورق، لأنه إذا كان الأمر كذلك فليس الهدف صحيفة الوطن بذاتها والآراء المطروحة فيها، وإنما بيئة الحوار والرأي في المجتمع السعودي ممثلة في كل منابر ووسائل وأشكال التعبير. ومع أننا نرجو أن تصدق هذه الأمنية، إلا أنه لا بد من طرح سؤال هو لماذا لا يكون الأمر كذلك؟ أي لماذا لا تكون تلك الرصاصات تعبيرا فعليا عن الرأي؟ ما المانع أن يتطور الأمر لتكون الرصاصة ردا على صوت الحرف والبندقية في مقابل المنبر الإعلامي؟ ما المانع أن يحدث ذلك في ظل ما نشهده من تأجيج وتحريض واستعداء مفرط بلغة عنف صريحة يمارسها البعض دون هوادة؟ لقد شهدنا في الفترة الماضية تصعيدا محموما في لغته ومصطلحاته ضد بعض المثقفين والكتاب الذين يطرحون آراءهم حيال بعض القضايا التي يتجاذبها النقاش، وحين يصل الخطاب حد التخوين والتفسيق والتكفير بصورة كثيفة فإنه كاف لاستفزاز المتعاطفين من قليلي العلم ومحدودي المعرفة الذين تستثيرهم تلك الاتهامات المجانية ليقوموا بما يظنونه واجبهم الديني حيال من صدر الحكم عليهم بشكل مباشر أو غير مباشر، وقد يكون استهداف وسائل التعبير عن الرأي خطوة إنذار ووسيلة تهديد للإشارة والتلميح عما يمكن أن يحدث لاحقا. لغة اتهامية خطيرة أصبحنا نسمعها مؤخرا بشكل غير منضبط في الحوارات والردود والنقاش، مع حرص شديد لدى البعض على تكريسها وتوسيع نطاق استخدامها، ومهما كانت احتمالات تحويلها إلى ممارسات عنف ضئيلة إلا أنها واردة، وإن لم تحدث حاضرا فإنها ستحدث مستقبلا بشكل أو بآخر إذا استمر الخطاب التحريضي في تصاعده .. إن الحوار مهما بلغت حدة الاختلاف والخلاف فيه فلا ضير في ذلك طالما استمر حوار فكر ورأي. الاختلاف هو طريق الوصول إلى القواسم المشتركة ونقاط الالتقاء طالما ظل الحوار ملتزما باشتراطات السلم والوئام المجتمعي وواعيا بعواقب الإخلال بها أو تجاهلها. [email protected]