ليس الرجال وحدهم يمنحون النساء طلاقا على نحو «التعسف» أو الخلاص منهن إلى غير رجعة، وإنما المرأة أيضا وبيدها تحترف نقض غزلها، وها هي تدخل شريكا للرجل في مواقفه وبحصة تجيز إليها شرعا ما يجيزه الشرع للرجل أيضا. تلك هي القصة، فقد تجاوز «فسخ الأنكحة» و«الخلع» حاجز 15 في المائة من أصل حوالي 24121 حالة انفصال حقيقي في عموم وطننا الحبيب. وفي الأسبوع الماضي تجاوز مؤشر نسبة الطلاق في المنطقة الشرقية وحدها حاجز الستين في المائة من أصل الرقم الحقيقي الآيل إليه عدد عقود الأنكحة في المنطقة نفسها، وأرجو من الله أن أكون مخطئا في اقتباس هذه النسب.. أو لأكن أحلم، أو لأكن حاقدا فأخترع هذه النسب من تلقاء نفسي، ولكن الافتراض شيء، وأما الأرقام والحقائق فلها قصة أخرى. الأرقام بالوقائع هي الأكثر مصداقية، وفي الوقت نفسه أكثر تأثيرا على المجتمع وخصوصا نصفه ممثلا في المرأة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من شراكة آيلة إلى الاحتياج والتطلع والضرورة وحلم وكيان وعنصر استمرارية لإنتاج جيل بعد آخر. يوجد شيء خطأ وغير صحيح في معادلات الشراكة الزوجية، وإذا ما استمرت عليه الأحوال الاجتماعية بهذا الحجم من تضحيات، فإن مجتمعنا العزيز سوف يتراجع قليلا قليلا إلى الوراء .. تاركا وراء هذا الجيل الآتي وبأسف شديد «فجوة» تنخر قناعته بطموحات زوجية إلى النخاع، هذا عدا «تشوهات» تطالنا وتطاله بما لا تحمد عقباه، وعلى الله قصد السبيل أولا وأخيرا أيضا. الطلاق من الناحية الاجتماعية تماما مثل الوباء الممتلئ وفاضه بالعدوى، ولسبب أو لآخر، فمنذ أن طالبنا قديما بتأسيس مراكز إصلاح ذات البين، فشخصيا لا أرى لهذه اللجان كبير نفع إلا بما قد يتوافر إلى هذه اللجان به من علم دون أن ندري عن حقيقته شيئا. وهذا ليس اتهاما للجان على هكذا نحو أو بما هو تبيان لعجز هذه اللجان أمام ما هو مطروح أمامها من تحديات، وليتهم يضيئون إلينا بعضا من منجزاتهم بهذا الصدد فنكون، وكذلك أيضا من قبل ومن بعد يكون لهم المجتمع السعودي من الشاكرين. ذات مرة قبل حوالي أعوام وأعوام يعلم الله عدد سنواتها سنين بالحساب تناولت مواضيع على هذا النحو في صحيفة أخرى، ولا أزال أذكر إلى وقته وحينه أن نسبة الطلاق في عموم المنطقة الشرقية وقتئذ تجاوز حاجز ستين في المائة .. وعن المنطقة الوسطى اقترب من حاجز 35 في المائة أو هكذا أذكر، وشمالا كان يقف عند حاجز 15 في المائة، بينما جنوبا يتراجع إلى ما هو أقل من نسبه العشر في المائة .. ومنذ ذلك الوقت وحينه، ربما ازدادت النسبة بدخول المرأة شريكا أساسيا في عامل الطلاق، فإذا كانت المرأة تمثل حوالي 16 في المائة من واقع نقض الغزل الزوجي، ويأتي ذلك بصيغ الخلع وفسخ النكاح وإذا ما أضفنا إلى تلك الوقائع أن ليس كل فسخ نكاح ينجح في الإطاحة بالزوج، وعلى هذا الأساس تخرج المرأة صفر اليدين من «المولد الزوجي» مالم تعط الرجل حقه الشرعي من يدها إلى يد القاضي ومن يد القاضي إلى يد الرجل .. فمعنى ذلك أنه منذ ذلك الحين وما بعد فإن الطين يزداد بلة بعد بلة.. واللهم يا رب احمنا بسترك، فدخول المرأة شريكا في الزواج غير دخولها شريكا في الطلاق من أساسه .. وشخصيا أقترح أنه ما دام وصلت حصة المرأة 16 في المائة، فلنضع العصمة بيدها ونخرج من المولد الزوجي بغير كنافة ولا حلوى ولا حمص!!