في مدينة النقائض مواصفات عالمية وناس يبحثون عن مواصفات، المفارقة تكمن في الجبيل، مدينة الصناعة العملاقة تعج بالمتناقضات، حي مصمم على أحدث الطرز وأحياء تتسرب في شوارعها مياه الصرف الصحي. ما بين الجبيل البلد كما يطلق عليها الجبيلاويون القدماء والجبيل الصناعية كما يسميها سكانوها الجدد تكتمل الصورة، مدينة لها وجهان بملامح مختلفة. فالمدينة الصناعية أسست بنيتها التحتية قبل أكثر من 30 عاما وطوال تاريخها لم يعان سكانوها من مشكلة تتعلق بالبنية التحتية، بينما سكان الجبيل الأم التي لا تبعد عنها سوى بضعة كيلو مترات تئن تحت وطأة ضعف الخدمات، فالشوارع أجزاء كبيرة منها مليئة بالحفر والتشققات وأصابها التلف؛ جراء تسرب مياه الصرف الصحي إليها، بينما الجبيل الحديثة أكملت مراقبة جميع طرقاتها البالغة أطوالها 850 كلم2 بواسطة الحاسب الآلي. تغوص أحياء وسط البلد وشرقيه على امتداد شارع الملك فيصل الشرقي في برك من المياه الآسنة وكذلك المنطقة المركزية المزدحمة هي الأخرى يصعب الدخول إلى شوارعها بسبب برك الصرف الصحي التي أغلقت عددا من المحال التجارية والمطاعم، ولم يسلم حي المنح هو الآخر من طفح المجاري رغم حداثة الشبكة فيه. عدد كبير من الأهالي قرروا رفع شكوى لإمارة المنطقة الشرقية بسبب تردي الوضع في المحافظة كاملة وليست في حي واحد، فيما طالب آخرون بضم الجبيل البلد تحت مظلة الهيئة الملكية للجبيل وينبع أسوة برأس الزور الذي أسند قطاع الخدمات فيها إلى الهيئة الملكية. عزيز السبيعي موظف حكومي وعاطي أحمد السوادي رجل أعمال عبرا عن ذلك قائلين: «للأسف لم يتبق إلا أن تدخل المياه إلى المنازل عقب أن غطت الشوارع والأرصفة فنحن نسكن حي المنح في جنوب محافظة الجبيل وهو من أحدث الأحياء في المحافظة ولم يمض على تركيب شبكة الصرف الصحي فيه إلا أشهر قليلة جدا وللاسف لم نسعد بتشغيلها بل أصبحت مبعث تذمر الجميع». ووصف عبد الرحمن العميري حال منزله في الجبيل القديمة «تطوق منزلي الواقع في الحي الشرقي القديم غرب شارع القطيف مياه الصرف الصحي، وأحاصر أحيانا ولا أستطيع الخروج لصعوبة السير في المياه الآسنة وهو الوضع الذي لم يغير منذ عشرات السنين». وإلى الجانب الآخر حيث الرفاهية، إذ تمتاز مدينة الجبيل الصناعية بشبكة طرق عصرية واسعة نفذت وفقاً لأفضل المواصفات الهندسية، وهي مجهزة بالإضاءة والأرصفة المشجرة بطريقة علمية تتفرع منها الشوارع التي تشكل في مجموعها شرايين حيوية يسهل من خلالها انسياب الحركة والتنقل بين مناطقها المختلفة، كما أنها مرتبطة بشبكة الطرق السريعة التي تحقق سهولة الاتصال بكافة مدن المملكة، وقد تم ترقيم الطرق في مدينة الجبيل الصناعية بطريقة تساعد على معرفة الاتجاهات، حيث تم ترقيم جميع الطرق الممتدة من الشرق إلى الغرب بأرقام زوجية، وجميع الطرق الممتدة من الجنوب إلى الشمال بأرقام فردية، إضافة إلى تسميتها بأسماء استلهمت من الشخصيات والأحداث المهمة في التاريخ، وأسماء مناطق ومدن وقرى في المملكة والدول العربية إضافة لأسماء أشخاص ومواقع وأحداث من التاريخ الإسلامي. ويبلغ مجموع أطوال الطرق المنفذة في مدينة الجبيل الصناعية نحو 875 كيلو متراً تنظم حركتها المرورية بواسطة الحاسب الآلي. تتميز المنطقة السكنية في مدينة الجبيل الصناعية بتشييدها على طراز معماري فريد يجمع بين القيم الإسلامية والتقاليد السعودية العريقة ووسائل الحياة العصرية الحديثة وفقاً لخطة تضمنت كافة التصورات للبناء والتطوير، وتم تخصيص الأراضي بحيث تشمل كافة الاستخدامات من منافع ومواصلات ومرافق عامة، وروعي أن يضم كل حي من الأحياء السكنية جميع الخدمات من مراكز طبية، تجارية، تعليمية، دينية وترفيهية تلائم متطلبات واحتياجات سكان المدينة الذين يربو عددهم على 130 ألف نسمة. وتنعم مدينة الجبيل الصناعية بعدد من الشواطئ والمتنزهات والساحات الخضراء التي تكون معاً سلسلة متميزة من المواقع المقام عليها الكثير من الأنشطة السياحية والترفيهية والاجتماعية وتمتلك واجهة بحرية تبلغ مساحتها نحو 294 ألف متر مربع، ويعد شاطئ الفناتير الأحدث على مستوى المدينة من حيث الإنشاء والذي يشكل مع بقية الشواطئ نحو 45 كم في المنطقة الشرقية. فيما يعاني سكان الجبيل البلد من عدم وجود شاطئ مناسب ليكون متنفسا لهم ولأسرهم، حيث يئن شاطئ الجبيل الوحيد الذي يقع بين الجبيل الصناعية والجبيل البلد تحت وطأة التجاهل من قبل البلدية، حيث ردم الشاطئ من قبل البلدية لعمل توسعة منذ ما يقرب الثلاثة أعوام ومنذ ذلك الوقت لم تحرك البلدية ساكنا تجاهه سوى بعض الاجتهادات من مقاول المشروع. الموطن عوض القحطاني يقول «شاطئ الجبيل القديمة لا يمكن أن يكون متنفسا مناسبا لسكان الجبيل حيث يفتقر لأبسط مقومات التنزه، فدورات المياه محطمة الأبواب وغير مناسبة، ولا يوجد في الجبيل البلد سوى حديقة واحدة فقط هي حديقة طيبة. من جهته، أوضح ل «عكاظ» رئيس بلدية محافظة الجبيل المهندس فارس الشفق، أن بلدية الجبيل قادمة وفي جعبتها مشاريع كبيرة وضخمة هدفها الارتقاء بالمدينة وستشمل هذه المشاريع جوانب عدة مثل تعبيد الطرق، الإنارة، الرصف، ردم المستنقعات والتسمية. وأبان المهندس الشفق أنه تم أخيراً تنفيذ وإعادة تأهيل حديقة طيبة بمساحة 23 ألف متر مربع وبتكلفة إجمالية بلغت ثلاثة ملايين ريال، وتشمل عمل ممرات من الأنتر لوك، مسطحات خضراء، تسوير وإنارة، ألعاب أطفال وشبكة ري، ويجري العمل حالياً على إعادة وتطوير وتأهيل خمس حدائق في الأحياء السكنية؛ وذلك بحفر آبار وتمديد شبكات ري حديثة وتركيب ألعاب أطفال ذات مجاميع ومواصفات عالية مع إزالة الأسوار القديمة وتركيب أسوار حديثة مسبقة الصنع مقاومة للأملاح والرطوبة وذات أشكال هندسية مناسبة. وعن توفير كورنيش للجبيل القديمة، أكد رئيس بلدية الجبيل أنه يجري حالياً توسعته وتطويره وقد تم الانتهاء من المرحلة الأولى بتكلفة 6.8 مليون ريال، ويجري حالياً تنفيذ المرحلة الثانية من المشروع والتي تشمل تسوية وعمل شبكة ري وتنفيذ أرصفة وممرات وتركيب أعمدة إنارة طويلة وأخرى تجميلية على طول الكورنيش بمبلغ ثلاثة ملايين ريال. وعن شوارع المدينة التي تحتاج إلى إعادة تطوير قال المهندس الشفق «معظم الشوارع تخضع حالياً لإعادة تأهيل وخصوصاً الرئيسة منها، ولدى البلدية مشروع صيانة لمدة ثلاث سنوات بمبلغ 14 مليونا، والحقيقة أن المشاريع متنوعة وهي في مجملها تبلغ تكلفتها 49.5 مليون ريال».