عندما قام رجل الحوار والإصلاح والإنسانية والتنمية والاستثنائي والتاريخي بامتياز، الملك عبدالله بن عبدالعزيز من حيث «جذرية» هذا التغيير والذهاب عميقا إلى هذا التغيير الجذري، وهو ليس ذلك التغيير الذي وقف على السطح دون الدخول في العمق، وليس ذلك التغيير الذي ظل خارج المؤسسة التعليمية والتربوية والقضائية والشورية والبلدية والحقوقية والمالية، ولكنه التغيير الذي جاء بمثابة أنه شيء من المسلمات، ورأى الملك المفدى أن هذا التغيير هو من الثوابت لا ينبغي المساس به أو الاقتراب منه. أسوة بالملك عبدالله فإن الرئيس أوباما جاء بهذا التغيير ووعد الشعب الأمريكي، أنه سيضمن لكل فرد يحمل الجنسية الأمريكية بطاقة تأمين صحي، وأنه سيسعى لمنع شركات التأمين من التلاعب في بوليصات التأمين وعدم تغطية الأمراض المزمنة. وبعد مرور عام واحد فقط على تنصيبه رئيسا للبلاد، وفي يوم الأحد الموافق 21 من شهر مارس 2010م صوت الكونجرس الأمريكي على نظام إصلاح الرعاية الصحية، وفاز باراك حسين أوباما في التصويت وبهذا أخيرا وضع الرئيس توقيعه على النظام ليصبح قانونا فدراليا لأول مرة في تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية. وقصة هذا النظام طويلة تعود إلى الرئيس ثيودور روزفلت في عام 1912م عندما حاول أن يضمن التأمين الصحي للجميع ولكن الحرب العالمية الأولى حرمته من تحقيق حلمه، بعده جاء الرئيس كالفن كولج في عام 1929م ليبدأ ما انتهى عليه روزفلت ولكن الأزمة المالية العالمية قضت على عزمه، تلى هذا الرئيس هاري ترومن في عام 1945م ولكن الحرب العالمية الثانية منعته من تحقيق التأمين الصحي للجميع، وفي عام 1965م جاء الرئيس جون كندي فحاول أن يوجد هذا النظام ولكنه للأسف لم يتمكن لأنه توفي قبل تحقيق طموحاته، وبعد جون كندي حاول لندن جونسن ورتشارد نكسون وجيمي كارتر ورونالد ريجن وحتى جورج بوش (الأب) أن يجعلوا نظام الإصلاح للرعاية الصحية قانونا فدراليا ولم يتكمنوا لأسباب متنوعة مما أرغمتهم أن يفقدوا العزم ويتوقفوا عن سعيهم. وآخر رئيس حاول ولم يتكمن كان الرئيس بل كلنتن واجه اعتراضات قوية جدا من شركات التأمين الصحي التي انتصرت عليه بقوتها المالية لتوقف الرئيس كلنتن في سعيه. وأخيرا جاء أوباما ففاز على كل الصعاب والعقبات والمعارضين، فهناك رجال يصنعهم التاريخ وآخرون هم يصنعون التاريخ، فأوباما وعد وعزم وعمل وأوفى فصنع التاريخ ليجعل كل أمريكي له الأحقية قانونيا أن يمتلك ما يضمن له العلاج إذا مرض مهما كان مرضه أو سنه أو ثراؤه أو فقره يعمل أو عاطل أو متقاعد أو حتى مقعد أو معوق. هذا ما أوجده باراك أوباما ما لم يتمكن من إنجازه أحد عشر رئيسا سبقوه، أوباما حقق نصرا تاريخيا مع إقرار مجلس النواب بشكل نهائي مشروع إصلاح شامل للرعاية الصحية يوسع التغطية التأمينية لتشمل كل الأمريكيين. أقر مجلس النواب بعد تأييد 219 نائبا مقابل رفض 212، أكبر وأعظم تغيير في سياسة الرعاية الصحية على مدى مائة عاما من التاريخ الأمريكي ليصبح قانونا فدراليا ينعم به الشعب الأمريكي. وللحديث بقية. * استشاري الباطنية والسكري (فاكس 6079343)