حين يأتيك ابنك الصغير ويطلب منك الموافقة على ذهابه مع زملائه في رحلة مدرسية، فإنك في غالب الأحوال تقوم بالتوقيع في خانة القبول رغم مخاوفك الأبوية الطبيعية على فلذة كبدك، ولعل ما يدفعك إلى هذه الموافقة الأوتوماتيكية هو إيمانك بأن الرحلات المدرسية جزء من العملية التربوية كما أنها الشيء الوحيد الذي يبقى في ذاكرة التلميذ حين يكبر، إضافة إلى أنك لا تريد أن يبقى ابنك وحيدا في الفصل بينما يشارك جميع زملائه في هذه الرحلة. وقد جاءت حادثة وفاة أحد التلاميذ أثناء رحلة مدرسية لمدينة ملاهٍ في جدة لتشكل صدمة قاسية لجميع أولياء الأمور، ولتثير مجموعة من الأسئلة حول مراقبة المعلمين لأبنائهم الطلبة أثناء الرحلات المدرسية، وكذلك تتناسل الأسئلة حول مراعاة مدن الملاهي لإجراءات السلامة ودرجة متابعة الدفاع المدني لمسألة التزام هذه الأماكن الترفيهية بتطبيق شروط الأمن والسلامة. الحياة والموت بيد الخالق عز وجل، فهو الذي يعطي وهو الذي يأخذ، ونسأل الله أن يتغمد برحمته الطفل القتيل وأن يلهم أسرته الصبر والسلوان، ولن يكون في استعادة وقائع الحادثة المؤلمة أية فائدة، فهذا قضاء الله وقدره، ولكن فتح ملف الرحلات المدرسية أمر مهم كي لا تتكرر مثل هذه الحادثة المؤسفة، لأن السؤال الذي لا يمكن تجاوزه عند قراءة خبر هذه الحادثة: ما هي الفائدة التربوية والعلمية من رحلة مدرسية إلى مدينة للملاهي؟. تقول إحدى القارئات في رسالة حول هذه الحادثة إن السبب في اختيار مدينة الملاهي وجهة للرحلة المدرسية يعود إلى عدم وجود مراكز علمية يزورها تلاميذ المدارس، وقد تكون محقة في ذلك، ولكن الرحلات المدرسية يجب أن لا تكون محصورة في هذين الخيارين، فالرحلة يمكن أن تكون إلى متحف أو مصنع أو حديقة الحيوان أو قصر تاريخي أو مكتبة وطنية أو مستشفى أو حتى مراكز الشرطة والدفاع المدني. في بعض دول العالم تكون وجهة الرحلة المدرسية مزرعة للأبقار أو سوبرماركت ضخما أو بنكا أو مبنى البلدية أو البرلمان، ففي مثل هذه الأماكن يمكن أن يكتشف التلميذ عوالم جديدة لا يعرف عنها شيئا، أما مدينة الملاهي فهي مكان ليس بالجديد عليه ولا يضيف له أية معلومات جديدة، كما أن الحفاظ على سلامة الأولاد في مدينة ملاهٍ يعد أمرا صعبا للغاية، فإذا كان الأب والأم تصعب عليهما متابعة الأولاد الأشقياء في مكان مثل هذا، فإن المعلم لن يستطيع السيطرة على تحركات تلاميذ فصل كامل في مدينة الملاهي!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة