وجهت السلطات الأمنية في المملكة ضربة استباقية جديدة للشبكات الإرهابية، بإعلان وزارة الداخلية أمس عن ضبط شبكة إرهابية من 113 عنصرا، يخططون لمهاجمة رجال أمن ومنشآت نفطية وأمنية وحيوية في البلاد. وعلمت «عكاظ» أن القبض على غالبية عناصر الشبكة الإرهابية جرى خلال الأشهر السبعة الماضية بعد مواجهة حمراء الدرب شمالي جازان ، في مناطق الرياض، القصيم، والشرقية. وأبلغ «عكاظ» مسؤول أمني أن بناء التنظيم الإرهابي وتنفيذ عملياته الإرهابية داخل المملكة تزامن مع ما شهدته الحدود الجنوبية من اعتداء المتسللين، ما يعطي مؤشراً على وجود تعاون وتنسيق بين تنظيم القاعدة في اليمن والمتسللين المعتدين، ونبه المصدر إلى عدم استبعاد أن التنظيم الإرهابي قد تلقى تمويلا من المتسللين المعتدين بهدف مساعدته على تحقيق أهدافه الإجرامية داخل المملكة، رغم الاختلاف العقدي بين التنظيمين إلا أنه يجمعهم رغبة الإضرار بأمن المملكة واستهداف مصالحها. وكشف المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي في بيان إلحاقي (حصلت «عكاظ» على نسخة منه)، أن الأجهزة الأمنية ضبطت شبكة إرهابية تضم 101 عنصر (47 سعوديا، و51 يمني، وثلاثة من جنسيات صومالية، بنجلاديشية، وأريتيرية)، بالإضافة إلى خليتين انتحاريتين من 12 عنصرا بينهم يمني (ستة في كل خلية)، يخططون لمهاجمة رجال أمن ومنشآت نفطية وأمنية في المنطقة الشرقية. وأوضح اللواء منصور التركي أن العناصر الإرهابية على علاقة بتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب الذي اتخذ من اليمن منطلقا لتنفيذ عملياته الإجرامية، مبينا أن الجهات الأمنية ضبطت جميع أعضاء الخليتين وهم في المراحل الأولى من التجهيز لتنفيذ عملياتهم الإجرامية في المملكة. وأشار اللواء التركي إلى أن العناصر الإرهابية استغلت ما شهدته أخيرا الحدود الجنوبية للمملكة من أحداث، إذ عثرت الأجهزة الأمنية بحوزتهم على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمعدات، فضلا عن مبالغ نقدية. وأفاد البيان أنه «إلحاقا لما سبق الإعلان عنه في 29/10/1430ه بشأن المواجهة الأمنية التي وقعت بتاريخ 24/10/1430ه في نقطة أمن الحمراء على طريق الساحل في منطقة جازان وتعرض رجال الأمن فيها لإطلاق نار من شخصين تنكرا بأزياء نسائية، تبين لاحقا أنهما يوسف محمد مبارك الجبيري الشهري، ورائد عبدالله سالم الظاهري الحربي (سعوديان)، وقدما إلى المملكة تسللا عبر الحدود الجنوبية لتنفيذ عمل إرهابي داخل المملكة». وذكر البيان بما أسفر الحادث عنه في حينه من مقتلهما قبل أن يتمكنا من تفجير الحزام الناسف الذي لف كل واحد منهما به جسده، بالإضافة إلى العثور على حزامين آخرين مجهزين للاستخدام فضلا عن 12 قنبلة يدوية ومبالغ مالية من ضمنها عملات أجنبية، وما قادته التحقيقات لاحقا من ضبط سبعة أشخاص نسقوا لدخول المجرمين (الشهري والحربي)، إلى أراضي المملكة. وبحسب بيان الداخلية أمس، فإن «الاستقراء الأولي لحادثة نقطة الحمراء والأسلحة التي ضبطت، بما فيها الأحزمة الناسفة، يكشف عن استفادة التنظيم الضال في الخارج من عناصر داخل الوطن، يعتمد عليها في تنفيذ مخططاته الإجرامية». وتابع البيان: «إن بعض الإرهابيين قدموا إلى المملكة تحت ستار العمل أو زيارة الأماكن المقدسة أو تسللا عبر المناطق الحدودية وذلك لتسهيل التواصل مع المغرر بهم، وتجنيدهم للفئة الإرهابية، وجمع الأموال وتنفيذ المخططات القادمة من الخارج والتي تستهدف الوطن في أبنائه وأمنه ومقدراته». وأكد اللواء التركي أن الجهات المختصة تمكنت من ضبط عناصر الشبكة وأعضاء الخليتين الانتحاريين، تزامنا مع أحداث الجنوب، لافتا إلى أن السلطات الأمنية ضبطت إلى جانب العناصر الإرهابية أسلحة وذخائر ومعدات تصوير وأجهزة حواسيب وأجهزة وشرائح اتصالات مسبقة الدفع ومبالغ نقدية ووثائق متنوعة. وفيما يتعلق بالخليتين الانتحاريتين أبان المتحدث الرسمي أن قوات الأمن تمكنت من اعتراضهما، مشيرا إلى أن كل خلية تعمل بصفة مستقلة وتتكون من ستة عناصر، وكلاهما على ارتباط مباشر بالتنظيم الإرهابي الذي اتخذ من أرض اليمن منطلقا لتنفيذ عملياته الإجرامية. وخلص اللواء التركي في البيان إلى أن وزارة الداخلية أعلنت هذه التطورات «رغبة منها في إحاطة المواطنين وزوار البلد الأمين بما يخطط له أصحاب الفكر المنحرف من استهداف بلد المقدسات ومنهجه القائم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم خدمة لمخططات خارجية»، مشددا في الوقت نفسه على أهمية وعي المواطن والمقيم بهذه المخططات الإجرامية لوأد هذه التوجهات المنحرفة. من جهتهم، أجمع وزراء داخلية الكويت، اليمن، العراق، ولبنان في اتصالات هاتفية خصوا بها «عكاظ» على كفاءة أجهزة الأمن في المملكة واحترافيتها العالية وبسالتها في مكافحة الإرهاب منذ انطلاقة شرارته الأولى في 12 مايو/ أيار 2003 م، إثر استهداف انتحاريين ثلاثة مجمعات سكنية شرقي مدينة الرياض. وقال وزير الداخلية الكويتي الشيخ جابر الخالد الصباح: «شهادتي بأجهزة الأمن في المملكة مجروحة، إذ تمكنت بقيادة أخي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، من دحر الإرهاب وتعقب عناصر القاعدة وإفشال مخططاتها الإجرامية». فيما هنأ وزير الداخلية اليمني اللواء مطهر رشاد المصري النجاحات التي حققتها أجهزة الأمن في المملكة، خلال حربها على الإرهاب، مؤكدا على التعاون الوثيق بين أجهزة الأمن بين البلدين في مواجهة تنظيم القاعدة على اعتبار أن أمن المملكة جزء من أمن اليمن والعكس صحيح. وأبدى وزير الداخلية العراقي جواد كاظم البولاني إعجابه الكبير بمستوى الأداء المهني العالي والاحترافي الذي بلغته قوى الأمن السعودية في محاربة القاعدة وهزيمتها على الأرض وإحباط مخططاتها الإرهابية. أما وزير الداخلية والبلديات اللبناني زياد بارود فرأى أن النجاح الذي حققته المملكة في مكافحة الإرهاب، ما كان ليتحقق لولا التضحيات التي قدمها رجال الأمن في المملكة والدور البطولي الذي بذلوه على امتداد الأعوام الماضية حماية للمملكة ومواطنيها ومصالحها. منصور الشهري الرياض أكد ل «عكاظ» المتحدث الأمني لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي، أن من بين الإرهابيين ال 113 المقبوض عليهم، امرأة واحدة (سعودية)، وأن السلطات الأمنية تحفظت عليها بموجب معرفة أسرتها، ويجري التحقيق معها لتحديد موقفها. وقال اللواء التركي في مؤتمر صحافي عقده أمس في الرياض إثر صدور البيان الإلحاقي لوزارة الداخلية عن ضبط العناصر الإرهابية أن من بين عناصر الشبكة التي تضم 101 عنصر، إرهابيين هيأهما التنظيم لتنفيذ عمليات انتحارية. وأوضح المتحدث الأمني لوزارة الداخلية أن عملية نقطة أمن الحمراء في جازان، والتي وقعت نهاية شهر شوال الماضي (13/10/2009م)، وقتل فيها يوسف الشهري ورائد الحربي، كشفت عن إمكانية وجود انتحاريين جاهزين لتنفيذ عملية إرهابية داخل المملكة، في إشارة إلى أن الشهري والحربي كانا يرتديان حزامين ناسفين على جسدهما. وأكد اللواء التركي أن تنظيم القاعدة عجز عن تنظيم نفسه داخل المملكة، ما دعاه للتنظيم خارج المملكة وفي أقرب دولة لها، «لأن هدف التنظيم الأساسي هو المملكة»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الخليتين اللتين أعلنت عنهما وزارة الداخلية ومجموع أعضائها 12 شخصا بينهم يمني، تعتبران من الخلايا الانتحارية وفق مفاهيم تنظيم القاعدة نفسه. وأوضح أن الخلية الانتحارية تتكون من ستة أشخاص اثنان منهم انتحاريان ومهمة الأربعة الآخرين تمكين الانتحاريين من بلوغ الهدف، مشددا على أنه لم يكن بين الخليتين أية روابط أو اتصالات ولا يعلم أعضاء الأولى عن الثانية شيئا. ولفت اللواء منصور التركي إلى أن شبكة ال 101 كانت تهدف لتنفيذ اغتيال قيادات أمنية في مختلف مناطق المملكة، فيما هدف الخليتين ضرب منشآت نفطية وأمنية في المنطقة الشرقية، موضحا أن أعضاء الخليتين كانوا يستعدون لتنفيذ مهمات محددة وكانو اينتظرون أن تأتيهم أوامر قيادات التنظيم لتنفيذ العمليات الانتحارية. وأشار المتحدث الرسمي في وزارة الداخلية إلى وجود تنسيق وتعاون بين تنظيم القاعدة في اليمن والمتمردين المتسللين «الذين واجهتهم قواتنا المسلحة على الحدود الجنوبية في تمرير عدد من عناصر التنظيم، فضلا عن الأسلحة والذخائر». وزاد اللواء التركي أن القاعدة والمتمردين استغلوا الحج والعمرة في تمرير بعض الأشخاص الذين جندوهم في الخارج وتسللوا إلى اليمن، لإعادتهم مجددا إلى المملكة. وأكد التركي أن ال 54 أجنبيا والذين يشكلون أكثر من نصف شبكة ال 101، هم يرعون التنظيم ويديرونه في الداخل، فيما تتركز مهمة العناصر المتبقية داخل المملكة والآخرين في تنفيذ مخططاتهم. وكشف عن أن الجهات الأمنية توصلت إلى أدلة أكدت وجود تواصل بينهم مع تنظيم القاعدة في اليمن عبر شبكة الإنترنت للحصول على الأوامر بهدف تنفيذ المخططات الإرهابية، «كانت المخاطبات تتم مع شخص يكنى بأبي هاجر، وهي كنية كانت تطلق على الهالك عبد العزيز المقرن»، مضيفا أن النسبة العظمى منهم تسللوا عبر الحدود الجنوبية للمملكة، سواء عبر استغلالهم المواجهات التي حدثت مع المتسللين المسلحين، أو عبر المدنيين الذين يبحثون عن تحسين أوضاعهم داخل المملكة. وفيما يتعلق بالأسلحة التي ضبطتها السلطات الأمنية مع الشبكة والخليتين قال التركي: عثر عليها مدفونة داخل منازل ومناطق صحراوية، لافتا إلى أن أعمار الذين ضبطوا تتراوح بين 18 و25 عاما. وردا على سؤال «عكاظ» حول توجه تنظيم القاعدة لاستغلال العمالة الوافدة في المملكة إثر فشل قادته في استقطاب مواطنين أوضح اللواء التركي، أنه في ظل المصاعب التي يواجهها التنظيم في التجنيد داخل المملكة، نتيجة ارتفاع وعي المجتمع تجاه الفكر الضال، فإن التنظيم ما يزال يستهدف المملكة سواء بتغرير المواطنين أو بكل من ينفذ لهم أهدافهم. وزاد أن الملاحظ تكاثر العنصر اليمني بين المقبوض عليهم، سواء السبعة الذين ضبطوا إثر مواجهة نقطة الحمراء في جازان أو الأعضاء الحاليين في التنظيم (51 يمنيا)، يمثلون الأكثرية في تشكيلة التنظيم، مع وجود الأجنبي الوحيد في الخليتين الانتحاريتين، دليل قوي على ارتباط تنظيم القاعدة في اليمن مع المضبوطين.