لم يكن حضور المثقفات والمثقفين تحت قبة نادي الشرقية الأدبي للاستماع أو الاستمتاع بما يقال وحسب، بل بدت حالة من الرصد والترصد المسبق لهفوات وأخطاء ذلك العنوان الذي دعا إليه النادي عبر مقهاه الثقافي؛ لبحث ومناقشة أفكار كتاب الدكتور عبد الله الغذامي (القبيلة والقبائلية أو هويات ما بعد الحداثة).. حينذاك اتضحت الصورة، حيث كيلت الاتهامات لصاحب الكتاب، والتقليل من مضمون كتابه الذي برأي البعض «لا يستحق أن يأخذ هذه الهالة». الحاضرون عبر أوراق العمل أو المداخلات، اعتبروا «أن الغذامي خلط بين مجتمعين جعلهما ينحدران ويشتركان في ظاهرة واحدة»، منتقدين حالة التعميم الصارخ الذي جمعه في كتابه بين البدوي السعودي والآخر البلقاني. ولم تقف الأمسية هنا، بل زاد ذلك ما قالته إحدى المثقفات «إن الكتاب يحمل تناقضات في مسألة الهوية، وما إذا كانت هي الأقوى من الأنظمة والقوانين التي تنتج الهويات». الحوار استهله القاص عبد الله النصر باستعرض أهمية الكتاب وأهمية تناوله في الظرف الراهن لبحثه قضية القبائلية والهوية، فيما يمس القضايا الساخنة في المجتمع. وقدم الأديب عبد الله الوصالي ورقة مختصرة قال إنها نقد شخصي للكتاب. وذكر أن الكتاب هو سلسلة من مجموعة مقالات كانت قد نشرت في جريدة الرياض، موضحا أن المؤلف فرق بين مصطلحي القبيلة والقبائلية، وأنه استشهد من التراث بمقولات لا تذم القبيلة لكنها تحذر من القبائلية. وفي العنوان الفرعي (هويات ما بعد الحداثة) يحاول المؤلف أن يصنع من ذلك التوجه الرجعي حالة كونية، كما حدث في البلقان. وذكر الوصالي أن الغذامي لم يحدد ما هي الحداثة، وقرأ تعريف الحداثة من كتاب (من الحداثة إلى العولمة) لهاشم صالح. وصالح ينقل عن الآن تورين مفهوم الحداثة «أنها تعني انتصار العقل، وإحلال العلم محل اللاهوت المسيحي داخل أوروبا». وعلق الوصالي «من هنا فقد خلط الغذامي بين مجتمعين في ظاهرة واحدة. وكان الأجدى بالغذامي أن يحتفظ بموضوع القبيلة والقبائلية التي تمس الدول الخليجية».