سبق أن كتبت هنا عن موضوع لا أظننا نختلف عليه، كان عنوانه «وزراء لا وزارات»، ويتلخص الموضوع في أن وزاراتنا تسير وفق الرؤية الخاصة للوزير وفريق عمله في رؤيتها وتخطيطها ومشاريعها وآلياتها التنفيذية، باستثناء قليل من الأعمال الإجرائية المحكومة بالأنظمة الثابتة المتوارثة التي لا تتغير بتغير الطاقم الوزاري.. كل وزير يأتي ويقلب الطاولة على معظم أو كل ما كان عليها للوزير السابق، وبدون أن يفعل ذلك فإنه في اعتقاده لن يكون مقنعا للناس بأنه يسعى لصالحهم ومن أجلهم، حتى لو كانت هناك بعض الإيجابيات من العهد السابق، ومشاريع جيدة تسير في الاتجاه الصحيح.. قلت حينذاك أننا بهذا الشكل لن نصل إلى شيء مفيد لأننا نعيش أداء لحلقات وزارية منفصلة عن بعضها لا تنتظم في رؤية استراتيجية مشتركة لا تتأثر بتغيير الأشخاص.. استحضرت هذا الموضوع خلال حديث طويل مع وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة عن شؤون وشجون الصحة في مكتبه بالوزارة. حديث واضح صريح شفاف لم يمارس فيه الدكتور عبدالله دفاعا مجانيا عن وزارته، ونقاش علمي يحتكم إلى القواعد العلمية للصواب والخطأ في الإدارة الصحية بكل تعقيداتها.. والحقيقة أنني بقدر ما أشعر بالسعادة أن يتولى إدارة الصحة نموذج كالدكتور عبدالله الربيعة إلا أنني لم استطع إخفاء إشفاقي عليه بالذات لأنه جاء نجما بوهجه المهني ونجاحاته السابقة وشهرته الطاغية، جاء إلى وزارة تتقاطع فيها آلاف المشاكل والتراكمات السلبية، ومن معرفتنا بهذا الواقع كان لا بد أن يبرز السؤال المهم الذي يتمثل في: ماذا أنت فاعل بهذه الوزارة وفي هذه الوزارة؟؟.. والحقيقة أنني شعرت بقدر جيد من الاطمئنان حين لم يتحدث الدكتور عبدالله عن خوارق سينجزها أو معجزات خيالية سينفذها من خلال انقلاب أو ثورة على كل شيء تنتهي إلى لا شيء.. ببساطة شديدة وهدوء أشد وعينين يشع منهما الأمل قال إن غاية ما أسعى إليه هو وضع بذرة نظام لإدارة صحية منتجة لا تتذبذب أو تتأثر بوجود أو غياب عبدالله الربيعة، إدارة تسير وفق منهج وقواعد وأسس ومعايير هي التي تقود دفة العمل والمسؤولين عنه، وليس العكس.. وبهذه الرؤية، فإن الدكتور عبدالله يتحدث بذات اللغة التي كتبت بها مقالي السابق الذي تمنيت فيه أن نتحدث ذات يوم عن «وزارات لا وزراء» وليس العكس. فهل يكون حلم الربيعة بداية النهاية للانقلابات المتكررة في وزارات الموز؟؟ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة