نستطيع القول إن فرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في منطقة مكةالمكرمة بقيادة الدكتور الشريف حسين بن ناصر، أخذنا على غفلة مما كنا نتوقع مساء يوم الأحد الماضي إلى (القضاء) .. عندما استحضروا القاضي والقضية تحت عنوان (مضامين حقوق الإنسان في أنظمة القضاء الجديدة) في لقاء كان فرسانه كل من (القاضي حمد الرزين والقاضي عبد الإله العروان)، حيث تكلم كل من الشيخين بما لم نعهده ممن يعمل في سلك القضاء أو هكذا نعتقد نحن الذين ليس بيننا وبينهم أي ارتباط إلا في مكاتبهم، أقول ماقلت آنفا لأنهم غيروا حال تصورنا السابق عن فئة نحسبهم والله حسيبهم أهلا للقضاء. لن أتجاوز المنطق إذا قلت إنني خرجت من تلك الأمسية التي امتدت لما يقرب من أربع ساعات بقناعة تامة أن القضاة يعانون من جهلنا بأمور التقاضي أكثر من معاناتنا من تباعد الجلسات وتأخير إصدار الأحكام وقلة القضاة (لأنهم من جامعة واحدة) .. وتعليلهم عدم اكتمال أركان الدعوى .. لأن الأغلب من المتخاصمين ليس لديهم معرفة بأمور التقاضي .. أي أن ثقافة الإجراءات القضائية عندنا شبه معدومة أن لم تكن كذلك. وقد أجمعوا على أهمية المحامي؛ لأنه كما وصفه الشيخ العروان ضلع القضية الثالث. إذا كنا متفقين على تفاوت الأحكام في قضايا متشابهة .. وكثرة عدد الجلد لبعض المحكومين مع نقض الحكم في حالة غياب المدعى عليه عند ثبوت عدم تبليغه .. وعدم التزام القاضي بالدوام الرسمي (من الساعة 7.30 صباحا إلى 2.30 ظهرا) وحاجة المتخاصمين إلى بشاشة القاضي، فإن مثل ذلك اللقاء يخلق ثقافة شرعية عند المجتمع، ويذكر القاضي بما يعانيه المراجع. وهو ما نطالب به جمعية حقوق الإنسان بأن تضع لها برنامجا لاستثمار انفتاحها مع القضاء في تنظيمه ونظامه الجديد. بقي لي من هذا كله أن أتمنى من رئيس مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل أن يتقبلا شكرنا على هذه النماذج المشرقة في حضورها المتألق بالعلم والمعرفة الشرعية والاستشهاد بمجريات الحياة، ولعل الشكر يصل إليهم لأنهم أبدعوا في تلك الأمسية.