تحولت امتيازات منحتها وزارة البترول والثروة المعدنية لمستثمرين على منابع الرخام في جبال هجرة النباه الواقعة إلى الشمال من ينبع بمسافة 70 كيلو م2 إلى حالة من الإرباك لأهالي النباه الذين وقعوا اتفاقا فيما بينهم قبل نحو 30 عاما يفضي إلى عدم المساس بمنابع المياه في الآبار التي يعدونها تاريخية عبر تاريخهم لها بمدى زمني يتجاوز ال120 عاما، واعتبارها مناطق رعي متاحة لمن شمله الاتفاق حينما عمدت المؤسسات التي حصلت على امتياز استغلال الجبال إلى طمر تلك الآبار بالحواجز الترابية، كما ذكر ل«عكاظ» أهالي الهجرة الذين قالوا «إنهم لم يتقدموا للجهات الرسمية لاستخراج صكوك على أراض توجد فيها الآبار بسبب الاتفاق المبرم إلى أن وهبتها وزارة البترول لمستثمرين سعوديين ومقيمين ليحفروا بها ليل نهار في ظل عدم متابعة المؤسسات التي تخلو أعمالها من وسائل السلامة. ويقول عاتق بن طراف إنه واحد ممن حضروا اتفاق الأهالي قبل 30 عاما، عندما منعوا من استخراج الصكوك لتصبح الهجرة للجميع يتقاسمون بها جميع مناشط الحياة التي تفرضها عليهم طبيعة المنطقة من رعي وصيد لقربها من ساحل البحر الأحمر. ويضيف «المؤسسات في المنطقة تتجاهل دورها في خدمة المجتمع، حتى إن مقبرة تلاصقها شركتان لدرجة دخلت فيها قبور دفن فيها أهلنا ومن يعز علينا، وكلما مررت بتلك المقبرة أشعر بالحزن لأنني لا أستطيع أن أقدم لهم شيئا، ولا أستطيع أن أحميهم وآبار المياه التي تروى حولها قصص تاريخية هي جزء من حياتنا في المنطقة». ويرى عويد الجهني أن ما قدمته المؤسسات في ظل غياب الكهرباء والماء هو التلوث البيئي عبر مخرجات الآلات والمعدات التي تقطع الحجر، وعن آبار المنطقة يقول الجهني «كنا نستفيد من مياهها قبل أن تدفنها الشركات المستثمرة بتعمد حتى لا تلغى استثمارها، لكن لا يعلم أولئك أن هنالك وثائق رسمية تؤكد تاريخها وذاكرة كبار السن لاتزال تروي حكايتها وسوف نتحرك قريبا لوقف تلك التجاوزات من خلال الجهات الرسمية وسنأخذ جميع حقوقنا بالنظام». من جهته نفى المستثمر شار الخوري (لبناني الجنسية) معرفته باسم الهجرة النباه القديمة في بداية اتصال الصحيفة، مبينا أنه صاحب محجر يقع على طريق أملج ولا يعلم حقيقة الاسم. مشيرا إلى أنه من غير الضروري أن يخبرنا بما يفعله تجاه القرية من باب المسؤولية الاجتماعية لأنه يعتقد أن الأمر بينه وبين ربه، في خلط واضح منه للمفهوم. وقال خوري «وزارة البترول منحتني تصريحا رسميا ولا أحتاج لأن أطوق الموقع بسور إذ طلب مني تعقيمه فقط ولم أعتد على الآبار، لأن محجري بعيد عنها بمسافة طويلة». من جهته، أوضح مساعد مدير الرخص في وزارة البترول والثروة المعدنية نبيل دمنهوري أن استخراج الرخص في قرية النباه القديمة تم بحضور مندوبين من جهات حكومية متعددة منها وزارة المياه التي تقع حماية تلك الآبار تحت مسؤوليتها. وأبان دمنهوري أن تسوير المقبرة واجب تحتمه المسؤولية الاجتماعية على الشركات وهناك مستثمر تقدم بطلب تسويرها. ويرى مساعد مدير الرخص في وزارة البترول أن الجهد الأكبر لتشجيع الشركات للقيام بأدوارها يقع على إمارة المنطقة التي تتبع لها القرية. وعن تضرر الأهالي ومخالفة المستثمرين قال دمنهوري «إن على الأهالي تقديم شكوى رسمية باسم رئيس وكالة الوزارة للثروة المعدنية، للنظر فيها والوقوف على تلك المخالفات ومعالجتها من خلال الأنظمة». تجدر الإشارة إلى أن هيئة السياحة والآثار تمت مخاطبتها لمعرفة موقفها من اعتداءات المستثمرين على الآبار التاريخية بقرية النباه القديمة والمعروفة بآبار (قصب) وأفادنا أحد مسؤوليها بتحويل استفسار الصحيفة إلى الجهة المختصة في الهيئة دون أن نزود برد في حينه.