لا يخفى على أحد أهمية وسائل الإعلام لانتشار الموروث الشعبي عبر الفضاء الحر، ذلك الفضاء الذي ما فتئ يمطرنا بوابل من الغث والسمين وأن طغى غثه على سمينه المتخم. والحديث عن القنوات الفضائية لم ولن ينتهي، إنما سأجدد الحديث في مقالي هذا عن القنوات الشعبية .. تلك القنوات التي تهتم بالكم على حساب الكيف. فما يقدم من خلالها من مواد هي أشبه بوضع البنزين على النار، ففيها تأجيج للصراع وإثارة للفتنة وغرس النزعة العصبية القبيلة في نفوس الناشئة .. فالمحاورات الشعرية وما تحمله من همز ولمز بتلك القبيلة أو تلك لا تنتهي من على شاشاتها .. فما أن يعتلي ذلك الشاعر ساحة الملاسنة الشعرية أن صح التعبير حتى يبحث عن أسوأ ما قدمته أو فعلته قبيلة الخصم فيبدأ التنبيز والتجريح والسخرية .. قال تعالى: «ولا تنابزوا بالألقاب» .. حتى إن بعض ما أورده أولئك المتطفلون على الشعر أصبح مثلا للسخرية من قوم آخرين، قال تعالى «ولا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم» .. ولا يخفى مدى تأثير ذلك التأجيج العصبي على الوحدة الوطنية في المقام الأول وعلى إيجاد تصدعات في نسق وتركيبة المجتمع العام. أذكر أنه جاء قبل عامين في خبر على صفحات إحدى الصحف المحلية أن شابا في المرحلة المتوسطة طعن شابا آخر بسبب تعصب كل واحد منهما لشاعر قبيلته. يقول المصطفى علية الصلاة والسلام: «دعوها فإنها منتنة». والمقصود العصبية القبلية .. وتأتي الأمسيات الشعرية لتزيد الطين بلة. فبين العبارات الخادشة للحياء والتسول بكلمات مدرة للعطف والإحسان بين هذه وتلك يفسد الذوق العام .. ولعل صلب ما تقوم عليه هذه القنوات هو ذلك الشريط الذي لا يكل ولا يمل من الركض على الشاشة ليدر الملايين على أصحاب تلك القنوات .. يجري بلا رقيب ولا حسيب، فأنا من منظوري الخاص أن ما يتناقله المشاهدون من أخبار عامة وعن مجتمعنا السعودي خاصة عبر شريط الشات على تلك القنوات أخبار مغلوطة ومصدر من مصادر الإشاعات. بقي أن التفت للإملاء .. تلك المادة التي تبكي على ذلك الشريط .. وأخيرا إذا كانت تلك القنوات نافذة لنقل ثقافة عامة لبلادنا فحريا بالعاملين والقائمين عليها أن يتكئوا على مخزون ثقافي وعلمي كبيرين .. ولعل الكنترول أحق بأن يكون ذا علم ودراية فكيف يكتب الكنترول في أكثر من قناة شعبية (شوووكرن) يعني شكرا؟ أتمنى مزيدا من الرقابة على تلك القنوات قبل أن تسود ثقافة الثأر والنزاع، ومزيدا من المتابعة لمواد تلك القنوات حتى لا نجد أنفسنا نسير إلى الخلف. ياسر أحمد اليوبي مستورة