قبل عدة أسابيع تلقيت دعوة كريمة من الزميل عبد العزيز قاسم للظهور في برنامج البيان التالي على قناة دليل، وكان موضوع الحلقة حول علاقة الصحافة بالقضاء، فاعتذرت للزميل العزيز لأنني لا أملك موقفا محددا حول هذا الموضوع، قلت له إنني أعيش حيرة كبيرة حين أفكر في هذا الأمر، فمن جهة أرى أن اعتراض الصحافة على الأحكام القضائية هو سلوك أعلامي غير صحيح، ومن جهة أخرى أرى أن بعض الأحكام القضائية التي تصدر عن محاكمنا يصعب استيعابها ولا يمكن السكوت عنها. وبالأمس ذكرت صحيفة اليوم أن المحكمة العامة في الدمام قضت بسجن مواطن 4 سنوات بعد إدانته باغتصاب ابنته، وفي التفاصيل جاء أن معلمة تقدمت بشكوى للجهات المختصة تفيد قيام ولي أمر طالبة لديها باغتصاب ابنته بالإكراه، وبعد ثبوت عملية اغتصاب الأب (45 عاما) لابنته (16 عاما) تحت تأثير المخدرات أكثر من مرة أصدر القاضي الحكم بالسجن 4 سنوات على الرغم من مطالب المدعي العام بتغليظ العقوبة!. لم أستطع استيعاب الحكم فقد كنت أتخيل أن قيام رجل ما باغتصاب فتاة قاصر (حتى لو لم تكن ابنته ) سيجابهه بأقصى عقوبة ممكنة، أما حين تكون الضحية ابنة المغتصب فإن عقوبة الإعدام قد لا تكون كافية لمعاقبة هذا الأب الشاذ، فالعقوبة القصوى هي الحكم الطبيعي على هذه الجريمة البشعة في محاكم ذات قوانين وضعية فما بالك حين تعرض هذه الجريمة على محكمة شرعية؟!. ولكن يبدو أن تخيلاتي ليست في محلها، فكل محكمة تتعاطى مع الجرائم بشكل مختلف عن الأخرى، فلو عدنا بالذاكرة إلى الوراء لوجدنا أحكاما أكبر من هذا الحكم صدرت ضد أشخاص تمت إدانتهم بجرائم أقل بكثير من هذه الجريمة البشعة، ولا أجد أن استعراض هذه الأحكام سيكون مفيدا لأنه سوف يدخلنا في جدل عقيم تنتجه المقارنة بين الجرائم المختلفة، كما أن تلك الأحكام قد تكون صحيحة وهذا الحكم غير صحيح، ولكنني أظن أنكم تدركون أن عقوبة الحبس لأربع سنوات قد تصدر في قضية مالية!. وفي هذا الوقت الذي يشهد فيه القضاء السعودي مساعي كبيرة لتطويره تبرز حاجة ماسة لتوحيد العقوبات أو تحديد مدى معين لاجتهاد القاضي كيلا يصدر حكمان متباعدان في جريمتين متشابهتين بسبب اختلاف تقدير القضاة، وبما أنني ما زلت أرى أن الاعتراض على حكم قضائي يعد عملية غير مجدية فإنني أكتفي بوضع علامات التعجب من مقر صحيفة عكاظ في جدة حتى مقر المحكمة العامة في الدمام التي أصدرت حكم السجن لأربع سنوات على هذا الأب الذي اغتصب ابنته .. ولا حول ولا قوة إلا بالله!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة