أوضح ل «عكاظ» الطالب الذي أوقع الأستاذ المرتشي في قسم السياحة والفندقة في كلية التقنية في المدينةالمنورة، كيف أطاح بالأستاذ الذي بالغ في ابتزاز الطلاب ماديا، خصوصا من هم على أعتاب التخرج، والطريقة التي ابتكرها لكسب مساندة المباحث الإدارية في دحض الفساد، إلى أن تم اكتشاف التعاقد معه في جامعة الملك سعود رغم وجود اسمه في لائحة السوابق بالأدلة الجنائية. بطاقات سوا يقول الطالب أشرف حامد السراني، إن الأستاذ الجامعي كان يستغل الطلاب خصوصا في اليوم الذي يعلن فيه صرف المكافآت، حيث كان يلمح بعبارات ضمنية بطلبات لا علاقة لها بالمادة ولا الكلية، وكانت البداية بطلب بطاقات شحن سوا فئة 100 ريال، ومن رفع عدد البطاقات كان يمنح امتيازات أخرى عن البقية، كإعادة الاختبار أو زيادة درجات أعمال السنة، ومن لم ينصع لهذه الطلبات فإن مصيره حتما هو الرسوب. زيادة الابتزاز ويضيف السراني: عند زيادة وتيرة الابتزاز توجهت إلى عميد الكلية آنذاك، وشرحت له القضية، وأبدى علمه بالأمر وفق ما سمعه من طلاب آخرين، وكنا ننتظر نتيجة تكفينا من شره، إلا أننا فوجئنا بأن الأمر وصل إلى درجة كشف أسئلة الاختبارات مقابل مبلغ ثلاثة آلاف ريال، وبيع بطاقات سوا التي يبتز بها الطلاب إلى زملائه الأساتذة الوافدين، وبدأنا نلاحظ تغير نمط الحياة لديه بصورة جذرية، حيث انتقل للسكن في فيلا استأجرها في أحد الأحياء الراقية، واقتنى سيارة رياضية فارهة (كوبيه). تدخل المباحث ويتابع: لم أجد سبيلا مقابل تماديه في ابتزازنا سوى طرق باب إدارة المباحث الإدارية في المدينةالمنورة، والتقيت بضابط برتبة (رائد)، وبينت له كافة التفاصيل، فخطط للإيقاع به بالجرم المشهود في كمين، وبالتنسيق مع الضابط اتصلت بالأستاذ وطلبت منه شراء الأسئلة، وبدأت في المساومة حتى اتفقنا على مبلغ ثلاثة آلاف ريال مقابل أسئلة الاختبارات، على أن يكون الاستلام والتسليم أمام سوق تجاري في طريق سلطانة الحيوي، فأبلغت ضابط المباحث الإدارية بما اتفقت عليه مع الأستاذ، فلقنني الطريقة التي أتعامل فيها معه، وسلمني مبلغ ثلاثة آلاف ريال، بعد تسجيل أرقام العملة. الإيقاع بالجرم وذكر السراني أن الأستاذ المرتشي، «وصل في الموعد المتفق عليه، وبحركة خاطفة سلمني صورة من الأسئلة وأخذ المبلغ من يدي، إلا أن رجال المباحث كانوا له بالمرصاد فانقضوا عليه بسرعة، وسحبوا منه المبلغ للتأكد من مطابقته مع أرقام العملة، حيث وقع في شر أعماله. العميد لا يعلم وبين أنه وقبل بدء الاختبارات، ذهب لعميد الكلية، وسأله عن مصير الطلاب مع اختبار مادة الأستاذ المرتشي، فأجابه العميد بأن الأمور تسري كالمعتاد، ويضيف: «قلت للعميد وكان موقع الكلية آنذاك مقابل شعبة السجون .. كيف تسير الأمور كالمعتاد والأستاذ يقبع في السجن المقابل»، ففوجئ بالأمر، وأخبرته بكل شجاعة بالواقعة وكيف تم الإيقاع به. مضايقتي في الكلية وقال: بدأ الأساتذة الآخرون في القسم من أبناء جلدته يترصدون لي، وكان أحدهم يثقل علي من بين الطلاب بالواجبات والبحوث، ويمنعني من دخول القاعة بمجرد التأخير مدة خمس دقائق، ولا يسري الأمر على الآخرين، حتى وصل الأمر إلى التوعد بالرسوب. العودة للمباحث بعد تعرضي للضغوطات المتكررة، قررت العودة لضابط المباحث الذي اتفقت معه في الإيقاع بالمرتشي، وبينت له صورا من المضايقات التي يكيدني بها أحد الأساتذة، فطلب مني تزويده باسمه، وعقب يومين فوجئت بحضور الضابط إلى مكتب عميد الكلية، ومواجهة الأستاذ بالأمر، فكانت النتيجة مساواتي مع الطلاب في المعاملة، واجتيازي للمادة بتقدير ممتاز. تعاقد جدبد وتابع السراني: أكملت دراستي لمرحلة البكالوريوس في جامعة أردنية، وتخرجت منها بامتياز، لأتأهل للالتحاق ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي في دراسة مرحلة الماجستير في السياحة الدولية في جامعة بريطانية، وبعد اجتيازي وانتظار صدور الوثيقة، بدأت أتطلع في مواقع كليات السياحة والفندقة في الجامعات السعودية، لأفاجأ بوجود اسم الأستاذ المرتشي ضمن أعضاء هيئة التدريس في كلية السياحة والآثار في جامعة الملك سعود في الرياض. وعند عودتي بدأت في التقصي عن سجل سوابقه بالأدلة الجنائية، ومن ثم إرسال خطاب لعميد كلية السياحة والآثار في الجامعة عن تجاوزاته مع الطلاب أثناء عمله في المدينة، مرفقا معه صورة من سجل السوابق الجنائية. بكاء ونحيب «عكاظ» واجهت الأستاذ المرتشي بحزمة من الأسئلة، إلا أنه واجه الأسئلة بالبكاء والترحم على حاله، وحاول التملص من الرد على الاستفسارات بالنحيب وترديد عبارة «أعمل إيه»، ولم يجب على السؤال عما إذا سبق له العمل في المدينةالمنورة، وأسباب طمس هذه المرحلة من سيرته الذاتية أثناء تعاقده مع جامعة الملك سعود، وراوغ للهروب من السؤال بقوله «أنا موجود الآن في الرياض وعملت في المؤسسة العامة للتعليم الفني في المدينة وغير المدينة». وفي ما يتعلق بمغادرته المملكة بتأشيرة خروج نهائي قبل ست سنوات، أرجع ذلك لنهاية عقده مع المؤسسة، وأنه عاد مرة أخرى للعمل في جامعة الملك سعود بعقد جديد، وعن دواعي إيقافه عن التدريس وتعطيل صرف رواتبه، قال إنه بسبب التحقيق معه، ثم أجهش بالبكاء مرة أخرى منهيا الحديث وهو يردد «خلاص .. أنا انتهيت». تكريم السراني وفي المقابل كرمت «عكاظ» الشاب السراني ظهر أمس، تقديرا لموقفه النبيل النابع عن إيمانه بوجوب خدمة الوطن، واجتثاث المفسدين، والتصدي لكل من يستغل مقدرات شبابه في غير مصلحة، وتحقيقا لرغبة العديد من القراء الذين أجمعوا في تعليقاتهم للخبر في موقع الصحيفة على الإنترنت بوجوب تكريمه.