أديت صلاة الجمعة في مسجد رفيق الحريري في بيروت ويعلم الله أنني لم أشعر برغبة قوية في إطالة الخطبة أو القراءة أثناء الصلاة قدر ما شعرت بها في ذلك اليوم. سألت عن الخطيب الذي كان يحظى باهتمام غير عادي والذي تدل نبرة صوته على أنه من العراق فقالوا إنه مفتي العراق. أنصت لخطبته الجامعة المانعة وتأكد لي صحة المقولة من أن خطيب الجمعة يعرض عقله ونضجه واكتمال شخصيته وعمق ثقافته من خلال منبر الجمعة. قيل لعبدالملك بن مروان عجل عليك الشيب يا أمير المؤمنين فقال كيف لا يعجل علي وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة! كان خطيبنا في ذلك اليوم هادئا ناضجا مقنعا بهي الطلعة سمح القسمات عف اللسان وهذا هو خطيب الجمعة الذي كان يقدم لإمامة الناس في مختلف العصور الإسلامية. أكد الرجل على المشترك الإنساني بين البشرية أجمع وعلى القواسم المشتركة بين أبناء الطوائف الإسلامية ودعم حجته ببعض الآيات والأحاديث والمواقف التاريخية التي لا نسمعها إلا لماما. لم يعتمد على الزمجرة وتقطيب الحاجب ورفع الصوت وإلهاب حماس المصلين، ولم يتخذ من الوعظ «السلبي» الذي ذكره الإمام ابن القيم «النوح على الحياة والتخويف بالموت..» وسيلة لتأجيج المشاعر، ولم يسع للتلاعب بالألفاظ والكلمات وهو الذي يعيش صراعا مذهبيا لا مثيل له، لكنه اعتمد على مخاطبة عقول الناس والانطلاق من المقاصد الشرعية لخطبة الجمعة. الخطبة منتج شرعي وفكري ولها مقاصد معروفة في الشريعة لكنها للأسف ضاعت في زحمة توظيفها في صراعات شخصية أو فكرية أو مذهبية وتحولت إلى بكائيات على واقع الأمة ومناحات على مجدها الغابر. فاكس: 065431417 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 161 مسافة ثم الرسالة